الانتماء المخلص والتشكيك

 

عبد القادر عسقلان

 

إنَّ العناية الفائقة التي توليها الحكومة أفراد الشعب بكافة أطيافه، والذي ما زال يحظى بأولويات الحكومة، حيث تؤمن له التعليم والعناية الصحية والرعاية الاجتماعية وتحرص على تأمين دخل يكفيه لمواجهة متطلبات معيشته، كل هذا أدى إلى خلق مجتمع مُتناغم مع حكومته، يكن لوطنه الولاء وصدق الانتماء ويفخر بإنجازات حكومته وما حققت له وما حققته في مجال تنمية وطنه والارتقاء بأمته، ومما لا شك فيه أنَّ الحفاظ على استمرارية هذه التنمية هي مسؤولية جماعية بين السلطة والشعب بكافة أطيافه.

في الآونة الأخيرة واجهت الحكومة انخفاضاً حاداً في إيراداتها بسبب انخفاض أسعار النفط، واضطرت إلى اتخاذ بعض الإجراءات التي من شأنها المُحافظة على ميزان مدفوعاتها ومواجهة التزاماتها أمام انخفاض هذه الإيرادات، وهذه الإجراءات أثرت على قدرة المواطن على مواجهة بعض التزاماته الحياتية، لكن بالرغم من زيادة العجز المالي لدى الحكومة وانخفاض إيراداتها، إلا أنها لم تنه عمل أي موظف أو توقف علاواته ولم تتأثر خدماتها الاجتماعية تجاه مواطنيها والجميع عليه أن يُدرك بأنّ هناك من يعمل لأجل الوطن والمواطن، ويجب أن تكون مواجهة هذه المسؤولية جماعية وكل من موقعه.

لكن ظهرت مؤخرًا تغريدات في وسائل التواصل الاجتماعي المُختلفة وفي وسائل إعلامية أخرى وفي خطب المساجد خارجة عن نطاق الحرص على ضرورة إبقاء التلاحم بين الشعب والحكومة لمواجهة هذه الأزمة وبدأت تثير البلبلة حول التحديات الاقتصادية الراهنة، وغير ذلك من الاجتهادات التي تضع المواطن في حالة عدم الرضا عن مستوى الخدمات الحكومية المقدمة، وهذا التوجه يجب ألا يستفحل حتى لا يخلق أوضاعا لا أساس لها من الصحة، وليست عامة على مختلف أفراد المجتمع، ومن ثم قد تتصاعد الأمور، وهو ما لا نريده ولا يريده كل مخلص لوطنه.

المواطن العُماني ليس في منأى عن التحديات الاقتصادية التي يمر بها الوطن، لكن كل ما يحتاجه هو الحوار مع المسؤولين لبلورة حلول للوضع المالي، بجانب إطلاعه بكل شفافية على التدابير التي تتخذها الحكومة والمشكلات التي تواجهها.

لا شك أن عدم وضوح الرؤية يثير القلق لدى الجميع، ويضع البعض ممن لا يملكون القدرة على الاطلاع على جميع المعلومات والبيانات أن يقعوا فريسة لما يتم إثارته عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من منابر المتكلمين. لذا يتعين على أفراد المجتمع أن يلتفوا حول حكومتهم وتعزيز اللحمة الوطنية.

إن بعض ما يثار في وسائل التواصل الاجتماعي يخالف الواقع ويستغل عدم معرفة المواطن بما يحدث من تحديات وما يواجهه العالم من مشكلات اقتصادية تعصف بالعديد من الاقتصادات حتى المتقدمة منها.

ينبغي على الجهات المعنية أن تنشئ دائرة إعلامية تعمل ليل نهار على الرد على ما يثار من شبهات وأخبار مغلوطة عن السلطنة ووضعها الاقتصادي، وعلى وسائل الإعلام العاملة في الدولة أن تقوم بجانب من هذا الدور، عبر التوعية ونشر البيانات والإحصاءات الدقيقة أولا بأول.

إنَّ إنشاء مثل هذه الدائرة الإعلامية سيُجلي الحقيقة لكافة أفراد المجتمع وبما يعزز انتمائهم وولائهم للوطن وقائده المفدى، لذلك فإن مساندة المواطن للدولة في الوقت الراهن باتت من الضروريات الملحة، وعلينا أن نبقي هذا المجتمع متلاحما بين جميع فئاته، بالتواصل والتخاطب معه بكل شفافية وإبراز الحقائق له عن كل ما يتعلق بمصلحة الوطن، وتحصينه من كل من يريد استغلال الأوضاع لأهداف بعيدة كل البعد عن الوطنية، وبما يضمن مواصلة مسيرة التنمية الشاملة في البلاد.

ندعو الله أن يحمي هذا الوطن في ظل باني نهضته ومحقق مكتسباته.