حب القائد.. الانتماء الصادق للوطن

 

عبدالقادر عسقلان

كثيرًا ما تواجه شعوب دول العالم غضب الطبيعة، والذي يأتي بأشكال مُختلفة والغالب من هذه الأشكال هو العواصف والأعاصير والرياح العاتية، وكلما اشتد عنف هذه الأعاصير كلما نتج عنها تدمير وإتلاف الممتلكات وهذا بالتأكيد أقل ضررا مما تؤدي إليه من وفيات البشر.

وبالتأكيد فلا يُمكن لدولة مهما كانت أن تستثني نفسها من مرور شكل من أشكال الطبيعة عليها، ولا يمكن لسلطة أن تمنع ريحاً أو أعاصير أو أن تكون على أتم استعداد، لكن وطأة هذه الكوارث على البشر تخف كثيرًا عندما تواجه بروح واحدة متعاضدة تجسد صدق الانتماء للوطن وحب الشعب لقيادته، فالأقطار التي تنعم بالاستقرار هي التي ينعم قائدها بمحبة شعبه، وهذا الحب هو السر وراء ما رأيناه قبل أيام في مُجابهة مكونو، والذي سطر بالفعل تجربة فريدة يفهمها فقط من يعيش ويعرف حجم الشعور بحب القائد ويعي أنَّ هذا الشعور نابع من الإحساس بالأمان والعدالة والحماية، فعندما يشعر المواطن بهذه الأمور ينمو لديه حب الوطن والاستعداد التام للتضحية من أجله والاستماتة في الدفاع عنه، ويزداد لديه حبه للأرض والتاريخ الذي ينتمي إليه، وهذا ما جسدته مواجهة الإعصار وقبلها ما رأيناه من ردة الفعل في الدفاع عن التاريخ والتراث عندما أراد البعض الاعتداء عليه.

هذا التآزر والتلاحم بين أبناء الشعب بكافة فئاته ومستوياته أكد حب هذا الشعب لوطنه، هذا التلاحم الاجتماعي الذي ظهر في أجمل صوره، وروعة التنظيم والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية والمدنية خفف من وطأة آثار الإعصار وكارثيته على أبناء هذه الأمة.

إن الأقطار التي تنعم بالهدوء والاستقرار هي التي يوجد فيها تناغم بين شعوبها وبين قائد مسيرتها، وهذا التناغم الذي أوجده العدل في الحكم والتساوي في التعامل، والتجاوب مع حاجات الشعب ورغباته، وإيجاد المؤسسات التي تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وخلق نظام محاسبة المخطئ ودعم المخلص، وإيجاد مثل هذا النظام في المُجتمع لا يجعل احترام السلطة فقط على المستوى المحلي، بل إنَّ احترام مثل هذا النظام سيكون على المستوى العالمي أيضًا، لذلك فقد نالت السلطنة ثقة الجميع، وقامت بأدوار الوساطة بين الدول بنجاح، وتمتعت باستقلالية القرار، ولم تتجرأ أية دولة على محاولة فرض سياستها عليها، فنالت احترام وهيبة الجميع، وهذا ما زاد من اعتزاز شعبها بقيادته وسياسة بلده.

ندعو بصدق وإخلاص أن يُديم هذه المحبة بين القائد وشعبه حتى يتم مواجهة الأزمات، أياً كان شكلها أو مصدرها، بعزيمة لا تعرف الهزيمة، وصمود لا يعرف التقهقر، وإيمان لا يتزعزع برفعة وازدهار هذا الوطن، وندعو الله أن يديم علينا نعمة الاستقرار والازدهار، وأن يُعطينا القدرة على العطاء تحت ظل قيادته الرشيدة، حفظ الله جلالته وأطال عمره.