دموع فرح ولحظة تتويج

 

طالب المقبالي

 

يوم الأحد هو الموعد المنتظر، يوم لم ينتظره المشاركون في جائزة الرؤية لمُبادرات الشباب لوحدهم، وإنما هو يوم عماني بامتياز، بل هو عرس من أعراس الرؤية العديدة.

كنت أخطط لحضور هذا العرس البهيج بعد أن أخفقت في حضور حفل التتويج للعام 2015، بسبب ظرف طارئ حال دون حضوري ومشاركتي هذا المهرجان الكبير، فلاحت في الأفق بوارق تنذر بتكرار المشهد وإن كان الظرف والوقع أكبر والحدث جلل.

ففي عشية يوم الاحتفال تلقيت نبأ محزناً بوفاة أحد أقاربي، وقد كان برنامجي يسير وفق تخطيط سليم وممنهج، ففي الفترة الصباحية كنت سأحضر ورشة عمل هامة نظمتها وزارتي في ولاية السويق، وكان التخطيط أن أحضر الورشة، فأتناول الغداء في الطريق إلى مسقط مُباشرة، وأنا أقود مركبتي بأريحية وهدوء وسكينة، لأنّ الوقت كافٍ حتى موعد الحفل، إلا أنّ عارض الوفاة خلط أوراقي، فمن البديهي ألا أشارك في الحفل، ولا أشارك في الورشة، ولا أذهب إلى العمل، وبالفعل اعتذرت عن حضور الحفل، واعتذرت عن الورشة، واعتذرت عن الحضور إلى العمل.

لكنني وفي لحظة تفكير وتخطيط بسيط للأمور قررت أن أحضر جزءاً من الورشة كونها لا تتكرر في القريب، ولكونها مُهمة في عملي، بحكم أنّ العمل أمانة نسأل عنها يوم القيامة عندما نقف بين يدي الله تعالى.

فاستأذنت من الورشة قبل خمسة وأربعين دقيقة من انتهائها كما أبلغت لاحقاً، على أن استوفي المعلومات التي فاتتني من زملائي الذين شاركوا في هذه الورشة، وهنا حققت جزءًا مهماً من يوم حافل بالأحداث.

ثم توجهت إلى العزاء، وبالفعل استطعت قضاء بعض الوقت حتى موعد سفري إلى مسقط كما كان مخططاً له قبل هذه الأحداث، وشاركت الأهل والأقارب في استقبال المعزين في الوقت الذي قضيته معهم.

وقبل ثلاث ساعات من موعد الحفل انطلقت بسيارتي تحسباً لظروف الطريق والزحام، ولي في ذلك تجارب لن تنسى، وبالفعل وصلت قاعة الاحتفال قبل ساعة من موعد الحفل.

ومن هذه المقدمة القصصية انتقل بكم إلى قاعة كريستال بفندق جراند مسقط الذي أدخله للمرة الأولى.

فعند دخولي إلى القاعة المُخصصة لعرض ابتكارات وأعمال الشباب وكل مجموعة تقف بجوار منتجها ترقباً لوصول راعي الحفل والضيوف وأعينهم شاخصة نحو المارة علهم يلمحون بشرى تطل عليهم من بعيد ولو بكلمة من هذا أو ذاك تشيد بمنتجهم وتنعش في داخلهم الأمل في أن يحقق مشروعهم مركزا من المراكز الأولى وسط هذا الكم من المشاريع التي تأهلت للمنافسة.

دقت ساعة الصفر وبدأَ الحفل بافتتاح راعي الحفل والحضور لمعرض "الإبداع والابتكار" الذي احتوى على معروضات نفَّذها المشاركون في "جائزة الرُّؤية لمبادرات الشباب 2016" مرورًا بكل المعروضات، وكل متسابق أبدع في وصف مشروعه وطبيعة عمله علَّ ذلك يزكي مشروعه.

إلا أنَّ النتيجة قد حسمها مسبقاً عبد الله البحراني وبدر الحبسي وزملاؤهما من أعضاء لجنة التحكيم.

انتهى العرض وبدأت فعاليات حفل التتويج استهلها المكرم حاتم الطائي رئيس مجلس إدارة الرؤية بكلمة ارتجالية اختزل فيها جميع قراءات الحاضر والمستقبل حاثاً على البحث عن حلول ابتكارية جديدة، تسعى في محصلتها النهائية وقيمتها المضافة إلى تحقيق اقتصاد قائم على المعرفة، ومرتكزاً على الابتكار والمهارة الفنيّة، والتعليم، وتكنولوجيا المعلومات.

تضمن الحفل فقرات عدة، أهمها فقرة إعلان النتائج التي حبست الأنفاس، فقد كنت قريباً من بعض المتسابقين وكأني أسمع دقات قلوبهم تلهفاً لسماع النتيجة، وتمَّ الإعلان وتعالت الهتافات والتصفيق ممزوجة بدموع الفرح، وبعضها دموع الحسرة لعدم الفوز.

ما دفعني لكتابة هذا المقال تلكم الزهرات التي سكبت الدموع من الأسى لعدم الفوز عدا الظفر بشهادة تقدير، وكان الأمل يحدوهن أن يُحققن مركزاً من المراكز المُتقدمة، فكم كنت أتمنى أن تكون هناك مكافأة مالية معنوية لهؤلاء الزهرات خشية أن تؤثر هذه النتائج على نفسياتهن، وقد كنَّ يطمحن لتحقيق الأفضل.

إلا أنني متيقن بأنَّ من أخذ على عاتقه هذا العمل الخيري وهذا الدعم لمُبادرات الشباب لن يترك هؤلاء المبدعات يغادرن هذا المكان دون مُتابعة، فهناك تم الإعلان عن ورش تدريبية سوف تقام لتطوير قدرات هؤلاء الشباب، كما يحدوني الأمل في أن يكون هناك دعم مادي وتبنٍ لمشروعاتهم.

فشكراً لجريدة الرؤية، وشكراً أوكسيدنتال عُمان (أوكسي عُمان) على رعايتها الحصرية لجائزة الرؤية بهدف دعم أصحاب الابتكارات من الشباب .

muqbali@hotmail.com