قراءة في كلاسيكو "الأصدقاء"

 

 

حسين الغافري

 

انتظرنا كلاسيكو إسبانيا على أحر من أجمر، مع ذلك لربما يمكن أن نصنّفه كواحد من أقل اللقاءات تنافسيّة ومتعة خلال الخمس مواسم الماضية على الأقل.. الفريقان تعاملا مع اللقاء بحذرٍ واضح، ونتيجة التعادل التي خطفها ريال مدريد في آخر لحظات المباراة تبدو أقل أضرار الملكي؛ لاستمرار فارق النقاط الست. الحدث الذي تابعه الملايين عبر العالم أثار الجدل قبل انطلاقه خصوصاً بعد تعيين الحكم الإسباني غوميز وشكل إدارته اللقاء. وبطبيعة الكلاسيكو فهي مباراة تضم مُباريات مستقلة بداخلها، وتُتابع بأدق التفاصيل. فارق الست نُقاط لا يبدو الشيء الكثير أو ميزة تعطي تنبؤات لهوية البطل.. فالليغا لازالت في بدايتها والحديث عن هكذا أمور يبدو استباقيًا بعض الشيء، فقد شاهدنا الموسم الماضي بعد ابتعاد برشلونة ما يقارب اثنتا عشرة نقطة في الربع الأخير للموسم ليتقلّص الفارق في الأمتار الأخيرة وكاد برشلونة يبتعد عن اللقب!

هُناك عدة أمور يُمكن أن نقرأها من الكلاسيكو، أولها أن الفريقين لم يُقدما أفضل أداء مُمكن لأسباب مُتعددة تتمحور في غيابات ريال مدريد التي كانت من الممكن أن تُشكل فارقا في ليلة السبت، بالإضافة إلى ضعف الأداء للنادي الكتلوني وتراجع مستويات نجومه، مع انتدابات - في الأعوام الماضية- عليها "ألف" علامة استفهام ولازالت تبحث عن نفسها ولم تُقدّم المأمول. فحتى اللحظة في مشوار الليغا هذا العام، يبدو ثُقّل ريال مدريد واضحا مما يجعل حظوظه أكبر في الظفر بالبطولة، وهذا فضل يُمكن نسبه لزيدان بشكل كبير الذي أوّجد للفريق شخصية وحلولا في ظل الظروف التي يمر بها، ولم يلتزم بخطة واحدة أو اعتمد كُليًا على الـBBC الأمر الذي منحه دكة بُدلاء جاهرة وخيارات يمكن التعويل عليها في جُلّ الظروف؛ ما يجعل الفريق مُميزاً بخياراته وأساليبه وتنوع شكل أدائه مع مختلف المتغيّرات، على عكس برشلونة الذي لازال بذات الشكل وبنفس الطريقة وبنفس الأخطاء.. وحتى بنفس اللاعبين. وشخصياً لم أُشاهد آنريكي يبتكر حلولاً للظروف التي يمرّ بها فريقه هذا الموسم سوى مرة واحدة كانت في ذهاب دوري أبطال أوروبا أمام مانشستر سيتي الإنكليزي وقد تفوّق بنتيجة اللقاء برباعية بيضاء! تحّول برشلونة في لقاء المان سيتي من شكله المعروف إلى 3-4-3 وهي طريقة يمكن أن تكون ناجحة في الوقت الحالي لبرشلونة وتتناسب مع إمكانيات لاعبيه في ظل تراجع مستوى خط الوسط مثل الكرواتي راكيتتش والتركي توران، أو عدم انسجام لاعبيه الجدد كالبرتغالي جوميش والإسباني سواريز.

.. بالعودة إلى الكلاسيكو وإلى نتيجة التعادل تبدو بعض القرارات غير مفهومة من قِبل المدربين مما قلل جودة أداء الجانبين؛ ليبقى التعادل سيد الموقف وأقل الأضرار. الفرنسي زيدان لازال يرى في بنزيما لاعباً أساسياً في ظل تراجع مستواه بشكل ملفت، ولو أنه كان من الممكن إشراك الكولومبي رودريغيز عوضاً عنه، والذي يبدو أنه بعيد عن حساباته. كذلك فدخول الفرنسي أومتيتي لدفاع برشلونة كان خيارا مطلوبا مع آخر لحظات المباراة لنقل شكل الأداء إلى 4-4-2 بتكثيف الخيارات الدفاعية؛ ليلعب في خط الدفاع مع تقدم الأرجنتيني ماسكيرانو لوسط الملعب بجانب بوسكيتس بدلاً من التركي توران الذي دخل بدون أي إضافة في وقت ألقى فيه ريال مدريد بكل ثقله للخروج بنتيجة التعادل على أقل تقدير وهو ما حدث! ختاماً، فالكلاسيكو لقاء وانتهى، وعجلة الدوري لازالت تحتاج لنَفَس طويل جداً، وفارق النقاط الست ليس بالكثير كما ذكرنا.. البطولة كعادتها ستشهد مُنعرجات مختلفة خلال الموسم؛ الأمر الذي سيجعل البطولة صعبة هذا الموسم كالمعتاد.. ومثيرة.

HussainGhafri@gmail.com