اللهجة العمانية إلى أين؟

 

 

فيصل الكندي

 

تعتبر اللهجات من أهم ما يميز أي بلد عن آخر، وهي يمثل شخصية الوطن وتأريخه وإرثه الحضاري عبر العصور.

تتعرض اللهجات عادة لعواصف خارجية تؤثر فيها وأحياناً تقضي عليها وتحل محلها لهجات دخيلة عليها وربما خليط من عدة لهجات فينشأ جِيل لا يعرف لهجَتُه الأم وقد يتحث بلهجة ممزوجة بعدة لهجات اعتقاداً منه أنّها لهجته لذا كان لابد من البحث عن طريقةٍ ما للمحافضة على لهجتنا العمانية العريقة الممتدة عبر العصور.

إن للأسرة دورا كبيرا في ترسيخ المفاهيم فهي المدرسة الأولى للطفل يتعلم فيها الكلمات والمصطلحات والتعابير التي يفترض أن تكون الأسرة تتحدث بها فهي لهجتهم الأم التي ورثوها عن آبائهم وأمهاتهم وبدورهم يلقنونها لأبنائهم ويتحدثون بها معهم منذ الصغر حتى ينشأ الطفل وهو مُتْقِنٌ لها وخبير بمعظم المصطلحات والمفردات العمانية وهذا يتطلب إصطحاب الطفل إلى أماكن يمكنه فيها أن يتعلم اللهجة كالمزارع في القرى والقلاع والحصون والمتاحف والأسواق القديمة، وكذلك بالجلوس مع كبار السن وأخذ المصطلحات عنهم بهذه الطريقة ترسخ اللهجة في ذهن الابن ولن ينساها أو يتهاون بها أو يستصغرها.

تعتبر المدرسة هي المحطة الثانية للطفل وبيئة مناسبة لتعلم العلوم واللغات فلو تم تصميم كتيب صغير يكون من ضمن المناهج في المرحلة الإبتدائية هدفه ترسيخ مفاهيم اللهجة العمانية وغرسها في قلوب الأطفال حتى نحافظ عليها من الاندثار والتكسير والركاكة اللغوية فليس مستغرباً إن قلنا أن هناك شريحة كبيرة من الشبابِ في المجتمع لا يتقنون لهجتهم ولا يعرفون المصطلحات العمانية القديمة للأشياء وإذا تحدثت معهم باللهجة العمانية فكثيرا ما يسألون ماذا تقصد بهذه الكلمة؟

الإعلام له دور أيضاً في تثبيت المعلومات باستخدام آخر ما توصل إليه العلم في مجال الصوتيات والمشاهد السمعية والبصرية فينبغي أن تكون هناك مساحة للأطفال يتعلمون فيها لهجتهم العمانية الأصيلة في برامج الرسوم المتحركة والبرامج التعليمية والتثقيفية، وأن تكون هناك مجلة فصلية تصدر باللهجة العمانية تهتم بكل المجالات وموجهة للطفل.

تتأثر اللهجات بعدة عوامل من أبرزها الإعلام وكذلك الإنتقال من القرية إلى المدينة وعادة ما تكون القرى أفضل حالا من المدن في قضية المحافظة على اللهجة وهذا شيء يُسَتغرب منه اذ يتنازل الشخص عن لهجته بمجرد الانتقال إلى المدينة ويعتبر اللهجة شيء بالي قديم يدل على القروية وعدم التحضر حتى أنّه يستحي التحدث بها في الجامعة والمراكز التجارية وأماكن التجمعات، ويرى التحدث باللهجات المستوردة نوعاً من التطور يليق بشهادته ومركزه، وهذا شيء منافٍ للوطنية والمحافظة على الإرث الذي ورثناه من آبائنا وأجدادنا بل هو بهذه الطريقة يحافظ على إرث الآخرين ويساهم في إنتشاره وبقائِهِ ويقضي على حضارته وإرثه الذي ينبغي ألا يفرط فيه  بل يجب أن ويورثه لأبنائه وللأجيال القادمة من بعده.