سوريا: قصف جوي لمخيم بحلب.. وفرنسا تدعو روسيا وإيران للتخلي عن "إستراتيجية الطريق المسدود"

باريس - رويترز

قال وزيرُ خارجية فرنسا جان مارك أيرو، أمس، إنَّ روسيا وإيران قد تصبحان شريكتين في جرائم حرب إذا واصلتا إطالة أمد الحرب في سوريا. وطالب أيرو البلدين اللذين وصفهما بأنهما داعمان للرئيس السوري بشار الأسد "بالاضطلاع بمسؤولياتهما من خلال التخلي عن هذه الإستراتيجية التي تقود إلى طريق مسدود." وقال الوزير في بيان مكتوب: "وإلا فسوف تصبح روسيا وإيران شريكتين في جرائم الحرب التي ترتكب في حلب" في إشارة إلى القصف الذي تتعرض له المدينة السورية والذي أودى بحياة عشرات الأشخاص.

وميدانيا، قصفت الطائرات الحربية مخيما يحظى بأهمية إستراتيجية على الأطراف الشمالية لمدينة حلب أمس بينما استمرت المعارك بين قوات الحكومة السورية وقوات المعارضة للسيطرة على المخيم الواقع على أرض مرتفعة في هجوم تدعمه روسيا لتصبح السياسة الأمريكية بشأن سوريا في حالة يرثى لها.

وقال سكان ومصادر في المعارضة إن الطائرات واصلت قصف مناطق سكنية من المدينة وسوت مباني بالأرض. ويعيش أكثر من 250 ألف مدني تحت الحصار في القطاع المحاصر الخاضع لسيطرة المعارضة وتتزايد المخاوف من تصاعد العنف منذ انهيار وقف لإطلاق النار أعلن عنه قبل أسبوعين فحسب. ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لبحث القتال غير أنه يبدو أن الحملة الأخيرة التي شنها الرئيس بشار الأسد وحلفاؤه من الروس والإيرانيين لتحقيق نصر حاسم في ساحة المعركة قضت على أي أمل في نجاح الجهود الدبلوماسية.

وفي أول تقدم بري رئيسي يتحقق في الهجوم الأخير، استطاع الجيش السوري والفصائل المتحالفة معه انتزاع السيطرة على مخيم حندرات الفلسطيني الواقع على مسافة بضعة كيلومترات إلى الشمال من حلب غير أن قوات المعارضة استردت المخيم في هجوم مضاد بعد بضع ساعات. وقالت المعارضة، أمس، إنها استعادت السيطرة على المخيم قبل أن يبدأ القصف. وقال قائد يدعي أبو الحسنين في غرفة عمليات المعارضة التي تضم الكتائب الرئيسية التي تقاتل لصد هجوم الجيش "استعدنا المخيم لكن النظام أحرقه بالقنابل الفوسفورية... تمكنا من حمايته لكن القصف أحرق عرباتنا".

واعترف الجيش بأن المعارضة استعادت السيطرة على حندرات الذي كانت السيطرة عليه لفترة وجيزة يوم السبت أول تقدم بري كبير للجيش في هجوم جديد لاسترداد حلب من أيدي المعارضة.

ونقلت وسائل الإعلام عن مصدر عسكري قوله إن الجيش السوري يستهدف مواقع "الجماعات المسلحة" في مخيم حندرات. وربما يكون الهجوم على حلب أكبر معركة في الحرب الأهلية التي سقط فيها مئات الآلاف من القتلى وشرد حوالي 11 مليون سوري.

وقال مسؤولون في صفوف المعارضة إن الضربات الجوية أمس أصابت أربع مناطق على الأقل من شرق المدينة الخاضع لسيطرة المعارضة وإنهم يعتقدون أن الضربات تشنها طائرات حربية روسية في الغالب. وتبين مقاطع فيديو لمواقع القصف حفرا ضخمة يصل قطرها وعمقها إلى عدة أمتار. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 45 شخصا على الأقل قتلوا في شرق حلب يوم السبت بينهم عشرة أطفال. ويقول الجيش إنه لا يستهدف سوى المتشددين.

وذهبت نداءات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لروسيا هذا الأسبوع من أجل وقف الضربات الجوية أدراج الرياح؛ وذلك بعد أن توصل إلى هدنة من خلال تحركات دبلوماسية مكثفة استمرت شهورا. وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في مقابلة أذيعت أمس إن روسيا تسببت في إطالة أمد الحرب في سوريا وربما ارتكبت جرائم حرب باستهداف قافلة للمساعدات.

وقال جونسون لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي): "عندما يتعلق الأمر بأحداث مثل قصف أهداف الإغاثة في حلب فعلينا أن ننظر فيما إذا كان استهدافها قد تم مع العلم أن تلك أهداف مدنية بريئة بالكامل وهذه جريمة حرب". وندد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة حسبما جاء على لسان متحدث باسمه يوم السبت بالتصعيد العسكري الشديد في حلب. وطلبت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا عقد اجتماع مجلس الأمن في جلسة علنية.

وفي اجتماع عقد في بوسطن، أمس الأول، طالب كيري ونظراؤه في كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا روسيا باتخاذ "خطوات استثنائية لاستعادة المصداقية لجهودنا بما في ذلك وقف القصف العشوائي من جانب النظام السوري لشعبه والذي تسبب على الدوام وبشكل شنيع في هدم الجهود الرامية لإنهاء هذه الحرب." وتحسنت فرص الأسد قبل عام عندما انضمت روسيا للحرب إلى جانبه. ومنذ ذلك الحين عملت واشنطن بجد على التفاوض على السلام مع موسكو مما أسفر عن اتفاقين لوقف القتال. لكن الاثنين لم يطل أمدهما إذ لم يبد الأسد -الذي ربما يكون قد استشعر تغيرا يقود إلى المزيد من الانتصارات في المعارك- أي ميل للحلول الوسط. وتقول موسكو إن واشنطن لم تنفذ ما عليها في أحدث اتفاق بفصلها المعارضة التقليدية عن الإسلاميين المتشددين.

تعليق عبر الفيس بوك