لماذا نربط التربية بالتعليم؟

 

يوسف البلوشي

ما هو التفسير؛ عندما يأتي طالب في التعليم الأساسي راميا حقيبته بعرض الحائط، ليأخذ الجهاز اللوحي ويتسمّر أمامه لساعات طويلة، وما هو التفسير أن يلم الطالب الصغير بكل التقنية التكنولوجية ويرعاها باهتمامه أكثر من المنهاج في ظل وجود فصول لتقنية المعلومات بالمدارس يقال إنّها تعمل بأسلوب مهني بحت.

ماهو التفسير أن تكون مشرفة الحافلة صامتة وقت مرافقة الطلاب وسط عراكهم والصراخ وغيرها؟

هل ما ينقصنا الآن السلوك التربوي لدى الأبناء والطلاب القادمين للمدارس من بيوتهم، أم أن معايير التربية المدرسية اختلفت تبعا لمعطيات العصر؟ هل أصبحنا نخاف على أبنائنا الطلبة تربويًا قبل تعليميًا؟ وهل حِمْل التربية على المدرسة فقط، ولماذا نربط التربية بالتعليم للآن رغم أن هناك فرقا شاسعا؟

منذ الأزل والتربية ترتبط ارتباطًا وثيقا بالتعليم من منطلق كبير وهو أنّ للمدرسة دورا كبيرا جدًا في هيكلة ورسم سلوكيات الطالب بل وكانت المدارس تعين الأسر في تربية أطفالها إلى أن وصلنا ما عليه الآن من ضغوط كبيرة على المدارس والمعلمين والهيئات التعليميّة؛ بل ويأتي بعض أولياء الأمور معاتبين المعلمين والمدرسة على نقل ابنه لكلمات أو سلوكيات أو تصرفات للمنزل، وبدلا من أن يكونوا مراقبين ومصححين لسلوكيّات أبنائهم يضعون اللوم على الكادر التدريسي.

قبل سنوات، عندما كنا على مقاعد الدراسة في الثانوية العامة وما قبلها؛ كان زملاؤنا الطلاب أكثر إقبالا على الذهاب للمدارس والتعلم والتطبع بالسلوكيّات الحميدة منذ أن تطأ أقدامهم المدرسة، وكانت جدران المدارس سبورة إضافية للتعلم ورسم السلوكيّات تحت مفهوم التربية غير المباشر يكتسب منها الطالب المعرفة والسلوك والأخلاق الحميدة، وكان ما يميّز المدارس والمعلمين رغم ضعف الإمكانيّات، سعة البال والنفس الطويل في تعليم وتلقين الطلاب، وكانت المخرجات رغم العالم الحبيس - بعيدة عن التكنولوجيا والأدوات - واسعة المدارك وشاملة العلوم وذات سعة في تقبل مختلف العلوم.

وكانت المدارس ببساطتها في المباني المستأجرة وازدحام الطلاب إلا أنّ صوت المعلم يدوي ويهابه الجميع ويستمعون له بإنصات منقطع النظير، وتتلقى العلوم بتركيز أكثر دون دخول مؤثرات تكنولوجية مختلفة؛ والآن مع التوسع العمراني وتداخل الأجناس وتمازج الطبائع ومع تأثير التكنولوجيا أصبحت الأجهزة اللوحية هي المسيطرة على عقول الطلبة، وأصبحت الألعاب المنقولة فيها هي الطاغية على تصرفاتهم ويجب الحذر والحرص على السيطرة على الأبناء.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "العلمُ زينٌ فكن للعلمِ مكتسباً، وكن له طالباً ما عشتَ مقتبسا، اركنْ إِليه وثِقْ واغنَ به، وكنْ حليماً رزينَ العقلِ مُحْتَرِسا".

ومع هذا وذاك نتمنى عامًا دراسيًا مليئًا بالمعرفة والنجاح لكل الطلبة وكلل الله مساعي الجميع بالخير.

 

Usf202@yahoo.com