المواطن المسؤول..!

 

سيف بن سالم المعمري

Saif5900@gmail.com

يصبح الإنسان مسؤولا عن تصرفاته بعد بلوغه سن التكليف، وتتضاعف عليه المسؤوليات كلما تقدم به العمر، وتفتح له الحياة بمنغصاتها دروسا عملية لتضعه في دائرة المسؤولية، ولتقيس مدى قدرته على التعامل مع كل منها، ففي المدرسة عليه مسؤوليات وفي الجامعة والبيت وفي العمل وكذلك في المجتمع الذي يعيش فيه، ولا يمكن بأي حال أن يعفي الإنسان السوي نفسه من إحدى تلك المسؤوليات ولو كانت بقدر تصرفاته الشخصية وعلاقاتها بتفاعلاته مع من حوله.

وللتدرب على المسؤولية يجب أن تغرس في الإنسان منذ نعومة أظفاره ففي البيت يجب أن يشعر الطفل أنه مسؤول عن أخطائه وعن ممتلكاته الشخصية وعن كلماته ومواقفه، وكذلك في المدرسة وفي العمل والمجتمع.

ولا يمكن لأي مجتمع من المجتمعات وأي أمة من الأمم أن تنعم بالأمن والأمان والطمأنينة والاستقرار إلا إذا تعاضد أبناؤها وساهم الجميع في سد الثغرات وتجاوز العثرات، ووضع كل منهم يده في يد الآخر من أجل وضع لبنات البناء لنهضة الوطن ونبذ الفرقة والخلاف وغرس قيم المحبة والوئام والانسجام، يقول الله تعالى في سورة آل عمران " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا، كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)" صدق الله العظيم

ومع التطور المتسارع الذي يشهده العالم في وسائل التكنولوجيا والاتصالات وما ساهمت به الشبكة المعلوماتية (الأنترنت) في تداخل المجتمعات والثقافات، فبات على كل مواطن مسؤولية الحفاظ على هويته الوطنية وقيمه الأخلاقية السامية، وألا ينجرف وراء الأفكار المضللة والشائعات الهدامة، وأن ينتقي من المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي ما يسهم به في رقي فكره وزيادة معرفته واكتسابه لخبرات عملية جديدة.

كما إنّ من بين الأمور التي يجب ألا يغفل عنها كل إنسان أن من يقف على تلك المواقع والشبكات الاجتماعية لا يرتجي إلا مصالحه الذاتية ومؤسسته الربحية بالدرجة الأولى، وإنّ ما يقدمه للمتلقي عبر تلك المواقع والشبكات من معلومات وأفكار ليست مجانية- وإن كان ظاهرها كذلك-، وإنّ العاقل من عرف كيف يستفيد وينتفع منها وعدم هدر المال والوقت فيما لا يعود عليه بالفائدة.

ومما يؤسف حقا حينما تستغل تلك المواقع والشبكات الإلكترونية لبث الأفكار والسموم المضللة والتي تهدف إلى تغيير هوية مجتمع معين وهدر طاقاته وأمواله، فدور المواطن المسؤول أن يحصّن نفسه ومن تحت إمرته ومسؤوليته من تلك المضللات، وأن يسهم بما يملك من جهد في توعية ممن يجهلون مخاطر تلك المواقع، وألا ينجر وراء كل ما يُقال وما يتداول.

كما أنّ المواطن المسؤول من يستطيع أن يستثمر طاقاته ومهاراته فيما ينفع مجتمعه ووطنه، وألا يخلي نفسه من المسؤولية في أي لحظة يستطيع من خلالها أن يضيف لبنة بناء جديدة، فمسؤولية البناء مسؤولية مشتركة وإن اختلفت الأدوار والمواقع الوظيفية.

والمواطن المسؤول الذي يحافظ على المال والممتلكات العامة في المدرسة وفي العمل وفي جميع الأماكن والخدمات العامة، وألا يتعلل بتقصير الآخرين في المحافظة على المال والممتلكات العامة، يقول الله تعالى في سورة الانعام: "وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" صدق الله العظيم..

وعلى المواطن المسؤول أن يستثمر الوقت بما يعود عليه بالنفع والفائدة وعلى مجتمعه ووطنه، وأن يستثمر كل الإمكانيات التي هيأت له من أجل المساهمة في مسيرة البناء والتقدم.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت،،،