تحيّة لحبّات العرق

مدرين المكتومية

حين تشتد حرارة الشمس، وتبدأ حالات النفور والانزعاج من الكثيرين بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وحين نتأكد أنّ الصيف قادم بموجته الحارة؛ علينا أن نقف تحيّة حب واحترام وإجلال لكل عامل أجبرته الحياة وطبيعة عمله أن يلتسع بحرارة الشمس، ويتحمل نفسيات البشر من حوله، أن يتصبب عرقا وينتظر بفارغ الصبر مغيب الشمس ليحين وقت رحيله، وعيناه مصوبتان نحو السماء بأن يكون يوم غد أخف حرارة وجهدًا من اليوم الذي مضى، ومن الساعات التي رحلت، ولا يتذكر منها إلا المساء الذي استبدل فيه ملابس عمله بملابس نزهته ورائحة العطر الذي يضعه مهما كانت رائحته، فبالنسبه له هي قمة السعادة والأناقة.

ففي الصيف كما يعلم البعض كل شيء قابل للتغير حتى الأشياء الجامدة تتغير، فما بالنا بنفوس البشر، التي تتغير مع كل فصل من فصول السنة، ففي الصيف هناك فجوة فعلية بين الذكر والأنثى بمختلف المستويات سواء كانت أختا أو زوجة، حيث إنّ تلك الفجوة تجعل الخلافات تزداد وتستمر كون الصيف لا يتناسب مع التكوين البشري للرجل فتجده يثور سريعًا رغم تفاهة الأشياء، فيا عزيزي الرجل الصيف ليس حارا ومتعبا بالنسبة لك أنت فقط، حتى المرأة نفسها لديها الكثير من المهام لتنجزها ولا يعني أن تعود للمنزل مبتسمة أي أنها لا تعاني ما عانيته أنت طوال يومك، بل لأنها تمتلك مساحة من الصبر والتحمّل لا تمتلكها أنت، فحاول جاهدا أن تتريث قبل أن تشعل الفتيل بينك وبينها بسبب أمر تافه لا يذكر وبسبب درجات الحرارة، وكذلك الحال معك سيدتي ربّة المنزل.

كل شيء يعاني ويتألم من حرارة الشمس ولكن تظل الحياة قائمة ومستمرة، حتى الكائنات الحيّة من الحيوانات والحشرات والنباتات أغلبها تتكاسل في الشتاء وتنشط في الصيف لأنها تعمل جاهدة صباح ومساء لتدخر لبياتها الشتوي، ولتنكمش بعضها في الشتاء، فلذلك تدفع ثمن العمل والنشاط في فترة الصيف لتؤمن حياتها في فصل الشتاء وفي درجات الحرارة الباردة، أي أن أغلب المخلوقات يجب أن تستمر حياتها ولذلك هناك دورة حياة لكل الكائنات الحية تبدأ وتنتهي عند نقطة معينة، فالصيف ليس فصلا للكسل والتراخي وليركن الجميع في زوايا مختلفة وإنّما لتدب الحياة عند الكثيرين ولتكون مرحلة عطاء وإنجاز.

تحيّة لحبّات العرق التي تزيّن جباه أبناء وبنات الوطن الذين لا يركنون لكسل أو تكاسل لأجل أمّتهم، وتحيّة لشركاء البناء والتنمية من الدول الأخرى، ولو تذكرت يومًا وأنت تمر على العاملين في الطرق والبناء أو قادتك سيارتك المكيفة لحقل عمل تحت الشمس فلا تبخل بدقائق تشد فيها على الأيدي المعروقة وتقدم لهم كلمة شكر أو ابتسامة صادقة، يشعرون خلالها بتقدير لما يقومون به، فجميعنا بحاجة لكلمة طيبة في هذا الصيف الحار وفي كل فصول السنة، فشكرًا لكم جميعًا أحبتي.

madreen@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة