أيُّها المزارع.. "دغصت عينك بيدينك"

راشد البلوشي

ينطبقُ المثل العماني "دغصت عينك بيدينك" علي واقعنا الحالي الذي نعيشه في البرِّ والبحر، في مجال التجارة أو الصناعة، أو ما تنتجه مزارعنا التي أصبحت تدار بأيادٍ وافدة سلمناها الخيط والمخيط، استطاعتْ أن تتفنَّن في عملية الغش والتسريع في إنضاج المنتجات الزراعية؛ سواء كانت في موسمها أو غير موسمها؛ من خلال المبيدات والأدوية المعالجة للثمار.

لقد استطاعَ العامل الوافد أن يكون اللاعب الخفي وراء كل ما اكتشفته المؤسسات المسؤولة عن الرقابة على المواد الغذائية في ظل حماية من صاحب المزرعة التي استحقها من الحكومة بهدف إدارتها بنفسه، إلا أنَّ واقع الحال يكشف عن نتائج وخيمة تم التستر عليها والتلاعب بها لمصالح ٍ ضيقة.

فأصحابُ المزارع بعد أن يستلموا أراضيهم يتوجهون بمطالبهم إلى الجهات الحكومية لتوفير عامل مساعد لهم لإدارة المزرعة، وحرثها، وغير ذلك من متطلبات الأرض الزراعية، وما إن يتمكن من الحصول على العمالة التي لا تعرف شيئا عن ماذا تعني كلمة "زراعة"! فيعبث بالأرض، ويخلط "الحابل بالنابل"، ويستمر في التجريب على التربة والمحاصيل. وبعد تمكنه، يدرك أنَّ ربَّ المزرعة لاهٍ في أعمال أخرى، لا يعرف ماذا يحدث لمزرعته؟ فيقترب منه ذلك العامل، مدعي البساطة والفقر والتعب والمشقة، وعناء العمل في المزرعة، مشتكيا إليه بأن الأرض لا يكفيها عامل واحد، شارحا له الصعوبات والتحديدات التي تواجهه، فيُترجم مالك المزرعة تلك المصطلحات إلى شكوى لوزارة القوى العاملة، بأن مزرعته بحاجة إلى عمال، فعامل واحد لا يكفي.

فيُصبح العامل الأول هو من يدير المزرعة، ويحمل ما تبقى من منتجات إلى بيت "الأرباب" ليقدم إليه منتجات المزرعة، وبقية المنتجات يذهب بها إلى الأسواق يبيعها بالسعر الذي يراه مناسبا.

وتدور الأيام في مزرعة "الأرباب"، وتبدأ رحلة الوافد في إدارة المزرعة، ويُتقن لُعبة الإنتاج، ليس بالضرورة أن يعرف احتياج المزروعات من كميات المبيدات أو الأسمدة، بل المهم أنَّ الإنتاج يستمر ويزداد، وأن دخله في تزايد. ضاربا باللوائح والقوانين التي تسنها الجهات الحكومية في الرقابة وسلامة الغذاء عرض الحائط، مع علمه بأنَّ ربَّ المزرعة في واجهة تلك القوانين واللوائح المنظمة في قطاع الزراعة.

وأصبح الضحية في سوء استغلال مقدرات الوطن هو المواطن المستهلك، فلا مناص من شرائه لتلك المنتجات باعتبارها منتجا محليا مضمونا، ومن مَزَارع معروف أصحابها وملاكها، إلى أن يقع الفأس في الرأس، وتبدأ لعبة الوافد تتضح وتفوح رائحتها، ولكن بعد ماذا؟ بعدما جنى ثمار أرضنا، ومائنا، وهوائنا، وبعد أن دمر الأرض، ولوث تربتها بالمبيدات الحشرية وجعلها غير صالحة للزراعة، في عملية استهلاكية جشعة هدفها الربح السريع والتحويلات المالية الخارجية. والسبب مَنْ؟ أليس صاحب المزرعة الذي قدم له مزرعته على طبق من ذهب؟

فيا أصحاب الأرض، أرضك تربتها خرُبَت، ومنتجاتها قد فسدت، وأموالها رحلت، فلماذا "دغصت عينك بيدينك"؟ ولماذا تركت أرضك تدار من قبل الغريب؟ لماذا لم تقتدِ بالأجداد الذين حرثوا الأرض بسواعدهم، ونثروا البذور بأيديهم، وفسلوا الفسلة، وطلعوا النخلة، وجنوا الثمرة، وتجولوا في الأسواق لجني الأرزاق؟!

دعوتي لك أيها المزارع الطيب بأن تعود إلى أرضك، فنحن فخورون بك، فثمرة من يدك غير من ألف ثمرة فاسدة من يدي غريب وافد.

Almeen2009@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة