بيت الزبير.. حاضنة ثقافية تجسّد أصالة الإنسان العماني

مسقط - الرؤية

يقف بيت الزبير الواقع في مدينة مسقط التاريخية قُرب قصر بيت العلم؛ وقفة الأم الحاضنة لتراث هذا البلد العريق وتاريخه المليء بالزخم الحضاري. فهو وجه آخر من وجوه الاهتمام التراثي والثقافي الذي لطالما أكد عليه مولانا - حفظه الله - في خطاباته السامية، وكما قال في عام التراث: " لقد كان واضحا لدينا أنّ مفهوم التراث لا يتمثل فحسب في القلاع والحصون والبيوت الأثرية وغيرها من الأشياء المادية، وإنّما هو يتناول أساسًا الموروث المعنوي من عادات وتقاليد، وعلوم وآداب وفنون، ونحوها مما ينتقل من جيل إلى جيل، وأنّ المحافظة الحقيقية على التراث لن تتم ولن تكتمل إلا بإعطاء كل مفردات هذا المفهوم حقها من العناية والرعاية". وهذا ما يعكسه متحف كمتحف بيت الزبير الشامخ بكافة الرموز الحضارية التي يضمها في تشكيلة جمالية لهوية الإنسان العماني.

وكان يعرف بـ "بيت الباغ" وهي كلمة عمانية الأصل تعني الحديقة متنوعة الثمار. ولعب هذا البيت سابقاً دوراً فاعلاً في ضم لقاءات لكبار الأدباء والعلماء وكان ذلك حتى العام 1998م حين تولدت الفكرة في مخيلة ابن الشيخ الزبير معالي محمد بن الزبير بتحويل البيت لمتحف من خلال جمع مجموعة متكاملة من المقتنيات التراثية التي تعكس كافة جوانب حياة الإنسان العماني سابقاً.

وحاز بيت الزبير بعد عام واحد فقط من إنشائه كمتحف للتراث على جائزة السلطان قابوس الثانية في التميز العمراني لما تمتعت به تفاصيله الهندسية من مواكبة للحركة الثقافية التاريخية. كما ويعد المتحف الوحيد ذو الملكية الخاصة في السلطنة بعيدا عن المتاحف الأخرى التي يندرج اسمها تحت اسم وزارة التراث والثقافة.

يجمع متحف بيت الزبير وفي اتساق جذاب تشكيلة مميزة من حلي النساء والفضيات التي يرتديها الرجال، والملابس التقليدية من مختلف الولايات ولمختلف المناسبات. كما ويستعرض مجموعة من الأسلحة التقليدية المختلفة في طرازها واستخداماتها إلى جانب أواني الطعام المصنوعة من الفضة وسعف النخيل والفخار وغيرها.

ولجعل عرض مجموعة المقتنيات الأثرية التي يضمها المتحف للزوار من داخل البلاد وخارجها عرضا لافتاً وسهل التتبع تم تقسيم المتحف لثلاثة بيوت كل له دلالته، كما وتم تصميم المساحة الخارجية لتعكس جو الحياة العمانية التقليدية الملئ بعبق البساطة والجمال المتفرد والكفيلة بأخذ الزائر من أول خطوة إلى عالم عماني تراثي متكامل من خلال محاكاتها للبيئة العمانية القديمة من ناحية أسلوب المعيشة وأنظمة الزراعة والصيد. وتنقسم تلك البيوت إلى بيت الباغ الذي يتضمن صورًا لسلاطين آل بوسعيد إضافة إلى مقتنيات الشيخ الزبير بن علي (مؤسس المكان) الخاصة. كما ويمكن للسائح أن يستمتع برؤية أنواع متعددة للخنجر العماني والملابس التقليدية النسائية والرجالية الزاهية بألوانها وتصاميمها الجميلة وزخارفها المتنوعة، ومجموعة من الحلي المتنوعة والفضيات والخزفيات من الأواني المنزلية والأدوات المستخدمة في البيئة العمانية القديمة،

أما بيت الدلاليل فيجسد صورة متكاملة للبيت العماني القديم وخصوصاً في الخمسين عاما التي تسبق النهضة والذي يتوسطه بئر ويحوي جلسات تقليدية ذات الوسائد والمراتب المنخفضة كما ويحاكي النظام التقليدي للإضاءة والتهوية.

وهناك بيت العود والذي استوحي اسمه من كلمة "عود" العمانية الأصل والتي تعني "الكبير". ويضم في جنباته مجموعة من الصور القديمة التي تخبر عن التاريخ العريق للبلاد والخرائط العتيقة التي توضح طرق الملاحة البحرية ومناطق التواجد العماني في الأقاليم المحيطة. كما أنه يضم صالة عرض واسعة مجهزة لشتى المحافل الثقافية التي تأخذ محلها في المتحف.

تعليق عبر الفيس بوك