مواطنون: صحبة السوء وضعف الشخصية وإهمال القيم أبرز أسباب التورط في عقوق الوالدين

احترام الوالدين والحرص على حقوقهما قضية أخلاقية بالدرجة الأولى

< الساعدي: إهمال تربية الأبناء في الصغر وعدم المتابعة ينقلب أثره سلبا على الوالدين في الكبر

< الربيعي: بعض زوجات الأبناء يغيرون أولوياتهم ويدفعونهم لإهمال حقوق الوالدين تدريجيا

< طيبة البحرية: مهما بلغت قسوة الوالدين تجاه الأبناء فإنهم يؤمنون بأنهم أغلى ما منحتهم الحياة

أجْمَع عددٌ من الآباء والأبناء على أنه ما من مُبرِّر يدفع الإنسان لعقوق والديه، وأْن يقابل كل عطف وحنان والديه بالجفاء وعدم الاحترام، خاصة وأن الوالدين مهما بلغت درجة قسوتهما في شؤون الحياة يظل أبناؤهم بالنسبة لهم أغلى ما لديهم. وأشاروا إلى عدد من العوامل التي تُسهم في حدوث جفوة بين بعض الآباء والأبناء؛ ومنها: قلة الاهتمام وعدم الاكتراث بأمورهم الشخصية والتعامل بدرجة من العنف والقسوة في كثير من الأحيان بدعوى الحرص على مصلحة الأبناء، وهو ما ينعكس على اعتقاد الأبناء بأن الوالدين لا يشعرون تجاههم بمشاعر الأبوة والأمومة المعتادة، وهو ما يعبِّر عنه الأبناء فيما بعد بطريقة سلبية تسيء للوالدين، كما أن تسلُّط بعض زوجات الأبناء وتعاملهن بصورة غير حسنة مع والدي زوجها يضعف شخصية الزوج ويساهم في نسيانه قيم البر بوالديه ليشتري رضا زوجته.

الرُّؤية - مُحمَّد قنات

وقال بدر بن سعيد مصبح الساعدي إنه لا يوجد أى سبب مقنع يبرر للأبناء أن يعاملوا من رباهم وعلمهم وأكرمهم بصورة غير كريمة، كما لا يوجد منطق يحرم الوالدين من جزاء ما قدموه لنا من تربية عظيمة وإجلال واحترام وتقدير؛ فالوالدان مقدارهما أغلى مما يتصور الإنسان ويتخيل، حيث جُعلت الجنة تحت أقدام الأمهات، وهو دليل كافٍ ووافٍ على قيمتهما وإجلالها وعظمتها، وقد ذكر قدرهما ووجب احترامهما وإجلالهما في القرآن الكريم وهو سبب واضح لعزتهما ومكانتهما في الحياه. واستدرك: لكن في عصرنا الحالي ومع التقدم والتطور والازدهار وانشغال البعض بالأمور الحياتية بشتى أنواعها نلاحظ من الأبناء الانصياع لانشغالات الحياة والتعمق فيها ونسيان ما هو أعظم وأغلي ما في الحياة ألا وهو بر الوالدين والاعتناء بهما والاتصال بهم ولو كانت دقائق قليلة، خصوصا وأنَّ البعض ينخرط في طموحات الحياة واشغالها وينسى وسط هذه الزحمة حقوق والديه، كما ينغمس بعض الآباء في عملهم وينسون حقوق أبنائهم عليهم مما يترتب عليه أمور كثيرة على نفسية الأبناء وسلوكهم ويتضرر منه الوالدان قبل المجتمع الخارجي.

وأضاف الساعدي بأنَّ قلة الاهتمام والمتابعة من الآباء تعد سببا رئيسيا في انقلاب الأبناء على الآباء وعدم الاكتراث بهم أو الانصياع لكلامهم، فقانون الحياة (لكل فعل رد فعل) ونلاحظ في زمننا الحاضر أن بعض زوجات الأبناء يلجأن إلى تشتيت اهتمام الابن عن والديه من خلال حب التملك والغيرة المفرطة ومحاولة إبعاده عنهم وتغيير سلوكه تجاههم من خلال استغلال ضعف شخصيته لإبعاد الابن عن والديه وتقليل مكانة والديه واحترامهم لديه. وتابع بأنَّ الوالدين إذا كانا يتعاملان في بعض الأحيان بنوع من القسوة والخشونة؛ فهي قد تكون لصالح الأبناء لكن بشرط أن تكون في حدود المعقول؛ فإذا تعدت ذلك يجب على الأبناء التحمل والصبر عليهما مهما بدر منهما فربما ظروف الحياة وما عاشوه سابقا تركت على شخصيتهم أثر الخشونة والقسوة التي قد يعتبرها الابن إهانة له وتسلط من قبل والديه عليه، لكن تبقى الفطرة الطيبة والتعامل العاطفي للوالدين أساس تربية أبناء صالحين بارين بهم ويعود نفعهم عليهم في الدنيا قبل الآخرة؛ لذا يجب علينا كأبناء التحمل والصبر واتباع الطرق الصحيحة التي ترضيهم وتسعدهم مهما كانت صعبة فلا شيء يستحق عصيانهم وتجاهلهم والتكبر عليهم والتسلط والابتعاد عنهم مهما كانت قيمته، فهما جنة الدنيا والآخرة، كما أن أعظم ما في الأرض من نعم هو وجود الأم والأب إلى جانبنا ورضاهما عنا.

البر من الواجبات الدينية

وقالتْ ولاء بنت خميس الربيعية: إنَّ هناك العديد من الأسباب التی تجعل الأبناء یعاملون آباءهم بصورة غیر کریمة؛ منها: سوء أخلاقيات الابن وضعف علاقة الابن مع ربه؛ حيث إن الابن الذي يحافظ على صلاته ويؤدي واجبات دينه لن يكون لديه مجال لإساءة التصرف مع والديه لأنه يؤمن تماماً بأنهم أساس وجوده على الحياة.

وأضافت الربيعية بأنَّ زوجات الأبناء ضمن الأسباب التي تسيء أحيانا لعلاقة الابن بوالديه من خلال عدم نصحه وإرشاده للطريق الصحيح وعدم مطالبته بزيارتهم باستمرار، إلى جانب الصحبة السيئة باعتبار أنَّها تلهيه عن القيام بواجباته الدينية ومن بينها حقوق الوالدين، وكل ذلك يعود في نهاية الأمر إلى التربية الأولى للنهوض بأخلاقيات الابن وتعليمه القيم الإسلامية السمحة والالتزام الأخلاقي حتى يتطبع عليها ويصبح في المستقبل ابناً بارًّا بوالديه ونافعاً لمجتمعه. وتابعت بأنَّ زوجة الابن يمكنها أن تخلق جفوة بين الابن ووالديه من خلال السيطرة فضلا عن أنها قد لا تهتم بوالدي زوجها وتدخل معهم في مشكلات مما يترتب عليه الإهمال من قبل الابن ورفع صوته في وجهيهما. وهنا يفقد الوالدين قدرتهما على الحديث ويقتنعان بالسكوت حفاظا على استقرار حياة ابنهما. وأشارت إلى أنَّه باختلاف الأزمان نجد الوالدين يقسون قليلا على أبنائهم، لكن من واجب الابن ان يتفهم الأمر ويلطف بحالهم ويفعل ما يأمرونه به، ويجب على الآباء ممازحة الأبناء تقربا منهم. وكثير من الشباب للأسف يشعرون والديهم بأنهم عبء عليهم، ولا يدركون أهمية الثروة التي يملكونها ببقائهم إلى جوارهم. ويجب على الأبناء ان يستفيقوا من غفوتهم، خاصة وأن الوالدين موجودون معهم اليوم وغداً سيصبحون في باطن الأرض ويحرمون ثواب برهم.

الندم على الفرصة

وقالت عائشة مبارك العامرية إن الوالدين هما أساس بناء كل منزل؛ فيجب على الأبناء أن يسعوا لبرهم ونيل رضاهم قبل أن يرحلوا عنهم ويشعرون بالندم على ضياع ثواب بر الآباء. وأضافت بأن احترام الوالدين وحسن التعامل معهما قضية إنسانية أخلاقية بالدرجة الأولى، وتعبر عن جوهر الإنسان وصدقه. ومن المؤسف أن نشاهد في هذه الأيّام بعض السلوكيات التي ليست لها علاقة بالإنسانيّة وقيم الدّين والأخلاق حيث يسيء البعض معاملة الوالدين برفع أصواتهم، وافتعال المشاكل وعدم توقيرهم، ويصل الأمر إلى حد رفع اليد عليهم وإهانتهم، أو هجرانهم، وقد تناول القرآن الكريم عن هذه القيمة الإنسانيّة الكبرى وحث على الإحسان إلى الوالدين في قوله تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا".

وقال محمد عبدالله سالم الكلباني: إنَّ التعامل السيئ من جانب الآباء تجاه أبنائهم عندما يكونوا صغارا وإهمالهم أصول التربية فضلا عن ضعف المناهج الدراسية في تأصيل القيم الإسلامية الطيبة وتأثير رفقاء السوء وغياب دور المساجد في التوعية والإرشاء وإلقاء المحاضرات والدروس واقتصارها على إقامة الصلوات في أوقاتها، كلها مسببات لانتشار هذه الظاهرة، فمن ربى أبنائه على القيم الإسلامية والتردد على المساجد واحترام الآخرين وصلة الرحم والحفاظ على حق الجار واحترام العمل ينعكس إيجابا عليه وعلى أبنائه، كما أن تعامل الوالدين فيما بينهما يشكل مرآة حقيقية لتعامل الأبناء مع والديهم فيما بعد، فعليهم أن يختاروا الألفاظ الطيبة في تعاملهم وأن يبعدوا خلافاتهم عن أعين أبنائهم وأن يكون حلها بشكل ثنائي فقط.

ونبَّه الكلباني إلى أن تدخل الزوجات بصورة سلبية في علاقات الآباء والأبناء يرجع إلى شخصية الإبن فإن كان ذو شخصية ضعيفة أمام زوجته فإن تأثير الزوجة سيكون قويا والعكس، لكن هناك إعادة نظر في الموضوع، فعلى الزوج ألا يرجح جانبا على آخر بمعنى ألا يكون احترامه لوالديه على حساب زوجته وأبنائه فهذا ليس من العدل حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. لذلك إذا تعامل الابن (الزوج) بشكل سلبي مع زوجته ليظهر احترامه لوالديه سيعامله أبنائه بنفس معاملته هو لأمهم (زوجته) فالأيام دول، ويجب أن يكون الابن منصوفا قدر استطاعته عند الوالدين والزوجة والأبناء والأخوة والأخوات والجيران وأن يتمسك الإبن بما أمر به الله ورسوله وأن يبتعد عما نهى عنه الله ورسوله فما يعمله اليوم سيجد ثمرته غدا، ويحاسب عليه يوم القيامة إن كان خيرا فخير، وإن كان شرا فشر.

بين الآباء وظروف الحياة

وأضاف الكلباني بأنَّه يجب على الأبناء أن يحترموا والديهم في كل الظروف ومهما كان أسلوبهما في التعامل، كما أن اختلاف المرحلة العمرية للوالدين تجعل أسلوبهم مختلفا مع أبنائهم، لذلك على الأبناء أن يأخذوا بأيدي آبائهم إلى الخير والصلاح والسلام، كما أن مستوى الاحترام ومساعدة الوالدين في الزمن الحاضر اختلفت بعض الشيء وهنالك فئة كبيرة من الأبناء يعللون ذلك بظروفهم مثل الدراسة وارتباطات العمل وإنجاز أمورهم الشخصية وغيرها، على الرغم من أن الأبناء يستطيعون معاملة آبائهم بكل خير وطيب مع تنظيم أوقاتهم وأمور حياتهم وأن يكونوا منصفين في حياتهم مع متطلباتهم ومتطلبات آبائهم وظروف عملهم.

وقالت طيبة محمد بريك البحرية: إنَّ هناك الكثير من الأسباب التي تجعل الأبناء يتعاملون مع والديهم بصورة غير كريمة؛ من بينها: مرافقة أصدقاء السوء التي تجعل الأبناء يتصفون بصفات سيئة منها التكبر وعدم احترام الوالدين وعدم الانصياع إليهم، وعندما يصبح الشاب متمكنًا في الحياة ويشعر بعدم الحاجة إلى والديه يسوء تصرفه معهم، وقد يرجع ذلك إلى مشكلات عائلية، وقد يربِّي الوالدان أبناؤهم بطريقة صحيحة، لكن عندما يكبر الأولاد يتأثرون بأمور عدة؛ مما يجعلهم يتغيرون نحو والديهم تحت تأثير وسائل الإعلام. كما أنَّ تدخل بعض الزوجات في حياة الأزواج يؤدي لعقوق الوالدين؛ فالرجل عندما يتزوج يجد كل رغباته مع زوجته مما يجعله يستمع إلى كلامها خوفا من فقدانها، ولو كان الأمر خارج عن إرادته فقد ينفذ ما تريده. وقد سمعنا الكثير من القصص المتعلقة بعقوق الوالدين والأكثر شيوعا هى القصص المتعلقة بتأثير الزوجات على الأبناء.

تعليق عبر الفيس بوك