نادي الرستاق.. رجال تهوى السحاب

أحمد السلماني

ليلة بألف ليلة تلك التي عاشتها ولاية الرستاق وجماهير "عنابي الجبل" مساء الجمعة، يوم زفَّ اللاعبون نبأ ارتقاء ووصول ضيف ثقيل جدا على أندية دوري المحترفين بهدف في مرمى بوشر، وضع الرستاق بين كبار أندية السلطنة معلنا عن تأهل تاريخي مستحق وبجدارة ولأول مرة لأبناء الرستاق بعد 30 عاما من المعاناة والتواجد مع أندية المظاليم والأولى، لم ولن يشعر بقيمته الماسية إلا أبناؤه الذين ورغم طول الانتظار ومعاناة السنين إلا أنهم لم يتخلوا عنه، لم يصف لي أحد أو يتلو عليَّ تلكم المشاعر إنما عشتها وشاهدت بنفسي عيون آخرين تذرف الدموع، كبارا وصغارا، بعضهم كان يبكي بحرقة ولك عزيزي القارئ أن تتخيل ماذا يعني "عندما يبكي الرجال"، جبت بناظري بين جنبات الملعب وبين الشخوص بعد صافرة النهاية لأشاهد أناسا كنت قد اعتقدت أن الزمان غيبهم، تعاقبوا على النادي ما بين إدارة ولاعبين، غزاهم الشيب لكن قلوبهم كانت عامرة بالشباب، كانوا متواجدين لجني ثمار تعب السنين، سمعت احدهم يقول لصاحبه "الأبناء يثأرون للآباء"، فيجيبه "نعم.. آلام وجراحات السنين تندمل اليوم" العام 1986م كان الميلاد بمقر بسيط وملعب ترابي وبعد 30 عاما وتحديدا العام 2016م كان "البعث والميلاد الجديد" لعنابي الجبل، منشآت واستثمارات وملعب معشب بمدرجات والقادم أحلى وأفضل بإذن الله، نعم أيها السادة والسيدات، شباب الرستاق قادمون، بعد ان استوعبوا الدرس وكتبوها في مانشيت عريض أمام أعين اللاعبين بأن "لا مستحيل بل نحن قادرون" ليترجم مصطفى السويب وأبناؤه هذه العبارة ويعلنوا عن أنفسهم رقما لوغاريتميا يصعب فك شيفرته ليتأهل الفريق بجدارة وفي المرحلة الثانية بلا خسارة.

وفي مثل هذه الظروف المواتية والأوقات الجميلة والمؤنسة والرستاق تعيش الأفراح بعد أن ودع ناديها المسمى بإسمها الأتراح، حقيق بنا أن لا ينسينا كل ذلك أن المهمة الصعبة بدأت منذ إعلان التتويج والتأهل، وعلى الرستاقيون طي صفحة الماضي وغلق ملف دوري الدرجة الأولى وفتح ملف دوري المحترفين الغامض بالنسبة له ولأبنائه فالتجربة حديثة والوضع يختلف تماما وهنا لا بد من توجيه عدة رسائل لأبناء الرستاق وهم يكتبون ويسطرون تاريخهم الجديد، والبداية:

أصحاب السعادة المحافظ والشيخ الوالي والأجهزة الرسمية ذات العلاقة بالرياضة والممتلكات، الولاية وفرقها الأهلية بحاجة إلى تطوير في منشآتها وتعشيب ملاعبها وهنا دوركم في حماية مكتسبات وآراض الفرق التابعة للنادي بعد أن طالتها عبثيات ومغامرات وأطماع وحيازات لمتنفدين غلبوا مصالحهم الشخصية على حساب المصلحة العامة فكثير من الفرق تعاني من عدم تملكها لملاعبها وأن بعضها استقطعت منه آراض لآخرين، فبالله عليكم ساعدوهم وقفوا بجانبهم فمواردهم محدودة وتملكهم لأرض ملعبهم يعني إمكانية استثمارها وتمويل مشاريع التعشيب من قبل القطاع الخاص وما تجربة "الملاعب الخضراء " عنا ببعيد.

الرسالة الثانية لمشايخ وعضوي مجلس الشورى وأعضاء المجلس البلدي وأعيان الولاية وتجارها وأصحاب رؤوس الأموال بها، النادي تسمى باسم ولايتكم وإبراز قدرات شبابها وحضورها الفاعل بين باقي ولايات السلطنة يعني مردود كبير لها ولكم ولأبنائها فلا تبخلوا على النادي وادعموه وقفوا معه في مهمته القادمة وتواصلوا مع مجلس إدارته بتأسيس مجلس لأعضاء الشرف الداعمين فالنادي بحاجة إلى دعم مادي كبير لتفعيل باقي البرامج والأنشطة واللعبات وبما انكم مستفيدين من مقدرات الولاية فلا عذر لكم بعد اليوم.

رسالتي الثالثة لزمرة من شباب النادي المخلصين وممن قدموا الكثير لناديهم ولكنهم وفي لحظة ما تعارضت أفكارهم مع إدارة النادي وهذا وارد والعمل الكثير لا بد وأن تعتريه بعض الأخطاء فليعذر كل منا صاحبه، ولنقوي جبهة النادي الداخلية فإن الشقاق وعدم تقبل الرأي الآخر والتعاطي معه بإيجابية يعني سقوط البناء ووتشتيت وإهدار الجهود وعلينا ان نحتكم دائما لصوت العقل والحكمة والتروي وان نبدأ من حيث إنتهى الآخرين والنادي يسع الجميع وعلى مجلس إدارته عمل ما من شأنه رأب الصدع واحتضان جميع أبناء النادي وبأسرع وقت ممكن.

جماهير العنابي الوفية، شكرا لكم من القلب، كان المشهد جميلا ومنظما وبحناجركم وألحانكم وأشعاركم صغتم ملحمة الوفاء لباني عمان المفدى -حفظه الله- ولناديكم كنتم أنتم السند فما المانع ان يستمر الدعم والإجادة والظهور الجميل الموسم القادم، كذلك على الجميع دعم الجماهير وتقديم كل ما تحتاجه .

الجهاز الفني والإداري واللاعبين، كل ما صاغته الأقلام وجادت به الحناجر إنما هو قليل في حقكم، اخلصتم واجتهدتم واختزلتم تجارب السنين في قالب جديد آخرين يبحثون عن سره، المايسترو مصطفى السويب الشخصية التي أثبتت أنه لا مستحيل في عالم كرة القدم وكلما ارتقى لدرجة قال، نحن هنا ليس للبقاء إنما للمنافسة، هنا الرجل يرتقي بالجميع إلى فكر جديد يتحدث بلغة القمة والعلو فوق هام السحاب وبالتالي لا خوف أبدا على الفريق في الموسم القادم ولكن الرجل اشترط لذلك توفير مقومات وعوامل على مجلس إدارة النادي توفيرها فهذا من صميم واجبها، اما اللاعبين فهنيئا للكرة العمانية كنزها المكتشف في زمن عز فيه الإنتصار، فشكرا لكم عدد مداد كل قلم في الرستاق.

رئيس مجلس إدارة النادي وبقية أعضائه، جهود كبيرة ومقدرة، عمل كبير مضن وعرق ذلك آتى ثمارا يانعة، ولكن قد تصل إلى القمة إلا أن المحافظة عليها أمر صعب للغاية ويحتاج إلى "أجنحة أولي بأس شديد" وننتظر منكم المزيد في الموسم القادم، وبعد كل ما سبق شكرا من القلب لأبناء الرستاق كافة فقط حافظوا على منهجيتكم الجديدة وهي أنكم سلالة من قيل عنهم انهم "رجال تهوى السحاب" فلتكن نظرتكم للسماء دائما فلا احد يدري فربما" بعث الكرة العمانية الجديد يمر من بوابة الرستاق"، فإلى دوري عمانتل للمحترفين.

تعليق عبر الفيس بوك