الهدابي: رفع الدعم عن أسعار الوقود يساعد على تقليص عجز الموازنة.. ولا بديل عن تنويع مصادر الدخل

الرؤية - خاص

أكد سعادة المهندس أحمد بن محمد الهدابي نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى أنّ رفع الدعم عن أسعار الوقود يسهم في تقليص عجز الموازنة، مشيرا إلى أنّه لا بديل عن تنويع مصادر الدخل لمواجهة التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية وانخفاض إيرادات الدولة.

وقال سعادته إنّ منذ بداية النهضة المباركة للسلطنة في عام 1970، والسلطنة تصدر ما تستخرجه من النفط الخام وتستورد ما تحتاجه من وقود السيّارات والطائرات ومحطات الكهرباء لتلبية حاجة السوق المحلي حتى بداية الثمانينيات وبالتحديد بتاريخ 1/5/1982، عندما تمّ افتتاح أول مصفاة لتكرير النفط تحت الرعاية السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- وذلك بميناء الفحل، تحت إدارة شركة مصفاة نفط عمان، بطاقة إنتاجية وقدرها 50 ألف برميل يوميًا لتلبية حاجة السوق المحلي من المشتقات النفطية من غاز الطبخ والبترول العادي والممتاز ووقود الطائرات والديزل، ويصدر باقي التصفية للسوق العالمي حسب المواصفات العالمية. وأضاف أنّه في عام 1986 تم رفع الطاقة الإنتاجية لمصفاة ميناء الفحل إلى 80 ألف برميل يوميًا لتغطية الحاجة المتزايدة من المشتقات النفطية في السوق المحلي، واستمر رفع طاقة المصفاة إلى 85 ألف برميل يوميا في عام 1992م إلى أن وصل إلى 106 آلاف برميل يوميًا في عام 2007م ثم توقف التوسّع في مصفاة ميناء الفحل بسبب عدم وجود المكان الكافي في ميناء الفحل مما جعل الحكومة تنظر في مكان آخر؛ حيث اعتمد مولانا صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - موقع مصفاة صحار في عام 1998 ليكون الموقع الجدديد لمصفاة صحار بطاقة إنتاجية وقدرها 116 ألف برميل يوميا، والذي يشمل 76 ألف برميل من النفط الخام و40 ألفا من باقي التصفية من مصفاة صحار والذي تم نقله عن طريق أنبوب من ميناء الفحل إلى مصفاة صحار؛ حيث تم تشغيل مصفاة صحار في عام 2006 وبهذا يكون إجمالي الطاقة الإنتاجية للمصفاتين 222 ألف برميل يوميًا أي 23 في المئة من إجمالي إنتاج السلطنة من النفط الخام والذي يصل إلى 990 ألف برميل يوميًا.

وأوضح أنّه مع الانتهاء من مشروع مصفاة تحسين مصفاة صحار والتي سترفع من طاقة مصفاة صحار الإنتاجية بزيادة مقدارها 80 ألف برميل يوميا ليصل مجموع ما تقوم تصفيته مصفاة صحار من النفط الخام 196 ألف برميل يوميا ليصل إجمالي النفط الخام المكرر داخل السلطنة 302 ألف برميل يوميا أي ما نسبته31% من إجمالي الإنتاج بحلول عام 2017م وهذا يعتبر إنجازا كبيرا خلال الفترة الماضية. وأشار إلى أنّ قطاع تكرير النفط الخام في السلطنة شهد تحولا كبيرًا منذ بدايته في عام 1982 وحتى يومنا هذا، ومع دخول مصفاة الدقم خط الإنتاج في عام 2019 بطاقة إنتاجية وقدرها 300 ألف برميل يوميا (50 في المئة من خام النفط العماني أي 150 ألف برميل يوميا والباقي يستورد من الخارج)، سيكون إجمالي ما يكرر من النفط الخام العماني 452 ألف برميل يوميا أي ما يعادل 46 في المئة من إجمالي النفط الخام المنتج داخل السلطنة وذلك تمشيا مع متوسط الاستهلاك المحلي للوقود الذي بلغ 9 في المئة خلال المدة بين 2006 و2015. وتابع أنّ السلطنة منذ 1970 وحتى 1982 وهي تشترى المشتقات النفطية بالأسعار العالمية وتبيعها داخل السلطنة بأسعار أقل بكثير عن الأسعار العالمية، واستمرت في دعم الوقود حتى عام 2015 حيث وصل الدعم إلى 7-9 في المئة من إجمالي الإنفاق العام للحكومة؛ حيث قدمت الحكومة في السنوات الخمس الماضية ما يزيد عن 4.4 مليار ريال عماني (11.44 مليار دولار) كدعم للوقود فقط.

وأوضح أنّه منذ عام 1982 والمصفاة تبيع المشتقات النفطية إلى شركات التسويق مثل شل والمها ونفط عمان، والتي بدورها تبيعه لأصحاب المحطات الذين يبيعونه للمستهلك المحلي بالأسعار التي حددتها الدولة التي قامت بدعم الفرق بين السعر العالمي والسعر المحلي. ومضى قائلا إنّ السلطنة مثلها مثل بقية الدول الخليجية والعربية والأجنبية تمر بمرحلة صعبة بسبب هبوط أسعار النفط، مما جعل الكثير من الحكومات مراجعة السياسات الحالية والقوانين من ضرائب ورسوم وإنفاق، مشيرا إلى أنّ من ضمن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة لمجابهة الأزمة الاقتصادية تحريك أسعار الوقود والذي يشمل البترول العادي والممتاز والديزل، بهدف التخفيف من وطأة الدعم على الميزانية العامة للدولة.

وأوضح أنّ الحكومة تسعي بشتى الطرق لإيجاد بدائل للدخل، وذلك من خلال مراجعة قانون ضريبة الدخل وقانون التأمين وقانون الاستثمار ورفع الدعم عن الوقود ورفع الدعم عن الكهرباء للاستعمال التجاري والصناعي والسياحي ورفع بعض الرسوم على الخدمات وغيرها.

وأشار إلى أنّه لابد أن يشمل برنامج توفير البدائل خفض الإنفاق الحكومي، وذلك من خلال هيكلة الجهاز الإداري للدولة من جديد وخفض وضبط أموال المؤسسات الحكومية والشركات الحكوميّة المتعثرة ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين الذين يثبت تورطهم في تبديد المال العام.

أمّا على مستوى الخطط الخمسيّة، أوضح الهدابي أنّه يتعين على الحكومة أن تعمل على زيادة الإنتاج والإنتاجيّة في القطاعات الزراعيّة والسمكية والصناعية بجانب العمل على اكتشاف واستغلال المزيد من آبار النفط واستخراج المعادن المختلفة والاهتمام بتنمية المحافظات والولايات وخلق توازن في توزيع مشروعات التنمية والاهتمام بطلبات المواطنين من أراض للسكن والتجارة والصناعة والثروة الحيوانية وخدمات اجتماعيّة.

وأكد الهدابي أنّ قرار رفع الدعم جاء في الوقت المناسب مع هبوط أسعار النفط وتزامنا مع توجّه الكثير من دول المنطقة، ومع هذه الزيادة في أسعار البترول الممتاز من 120 بيسة إلى 160 بيسة، فقد بدأ الكثير من المواطنين يسأل عن استخدام البترول العادي بدلاً من البترول الممتاز من أجل تقليل التكاليف مع ضمان بقاء محرك السيارة بحالة جيدة. وشرح الهدابي أنّه لو أنّ محرك السيارة قبل الدعم كان يعبأ بـ6 ريالات مقابل 50 لترًا (50 لترا ضرب 120 بيسة = 6 ريالات)، وبعد إعلان سعر البترول الممتاز والذي ارتفع من 120 إلى 160 بيسة يكون الفرق 40 بيسة، بمعنى أنّ 50 لترًا ضرب 160 بيسة = 8 ريالات أي زيادة ريالين وهكذا. وبين الهدابي أنّ هناك فارقا بين البترول العادي والممتاز، وكلاهما مزيج من عدة مواد هيدروكربونية ناتجة من عمليات تكرير للبترول الخام في المصافي، والفرق بين البترول العادي والممتاز يتمثل في المواصفات مثل رقم الأوكتين، والضغط البخاري، ونسبة الكبريت، ونوعية التركيب من المركبات الهيروكربونية. لكن يعتبر رقم الأوكتين (Octane Number) هو المواصفة التي يتم التركيز عليها عند التفريق بين البترول العادي والممتاز فعلى سبيل المثال عندنا في السلطنة رقم الأوكتين للبترول العادي هو 90 أمّا البترول الممتاز فهو 95.

ويعرف رقم الأوكتين بمقياس لقابلية الوقود للحرق بطريقة يمكن السيطرة عليها وكلما زاد رقم الأوكتين كلما أطلق محرك السيارة قوة دفع أعلى لكل سعرة حرارية من الوقود.

وأوضح كثير من المواطنين يفكرون بأن استخدام البترول الممتاز أفضل من البترول العادي وأنّ الأول سيزيد من حياة محرك السيّارة، لكن هذا الكلام غير صحيح؛ إذ أنّ جميع تقنيات السيّارات تؤكد بعدم الاستفادة مطلقاً بالنسبة لمحرك السيارة بل إن التغيير من البترول العادي إلى الممتاز لن يجعلها تنطلق أسرع أو تخفض المسافة المقطوعة بالنسبة لنفس كميّة البترول المستهلكة، والعكس صحيح.

وشدد الهدابي على أنّ أيّة قرارات مثل هذه تلامس المواطن قبل تنفيذها يجب التشاور فيها بين جميع الجهات المعنيّة من مجلس عمان وهيئة ترويج الاستثمار وغرفة تجارة وصناعة عمان وهيئة سوق المال وأن تصحبها حملة تسويقية تشرح الخلفيات والآثار الاقتصادية والاجتماعية وطريقة حساب سعر البترول من أجل خلق شراكة حقيقية بين جميع فئات المجتمع.

تعليق عبر الفيس بوك