التكافؤ الاجتماعي والتعليمي بين الزوجين ضمانة لاستمرار العلاقة الزوجية والاستقرار الأسري

< القاسمي: الحرص على التوافق الفكري بين طرفي العلاقة يعكس نضج المقبل على الزواج

< الغافري: التساهل في اختيار شريك الحياة خطأ تدفع ثمنه الأسرة والمجتمع على المدى البعيد

< العبري: تدخل الآباء والأمهات والأصدقاء في الشؤون الزوجية يفقدها الخصوصية ويفسدها

قال عددٌ من المواطنين إنَّ التوافقَ بين الزوجين في العوامل الاجتماعية والمالية والعلمية شرطٌ أساسيٌّ لضمان استمرار واستقرار الحياة الزوجية، وحذَّروا كل مقبل على خطوة الزواج من التساهل في أمر اختيار شريك الحياة والاعتماد فقط على أفراد الأسرة والأصدقاء في قرار مصيري من شأنه أن يؤثر في كافة تفاصيل حياته اليومية فيما بعد.

وأكد عدد مِمَّن استطلعت "الرُّؤية" آراءهم في هذا الشأن أنَّ الثقة المتبادلة بين الزوجين تتولَّد تدريجيًّا بناءً على كثير من التجارب الحياتية، ورصد ردود أفعال كل طرف تجاه مواقف بعينها. وأوضحوا أنَّ علاقة الحب المتعارف عليها ليست ضمانة كافية لاستقرار الحياة الزوجية في حال غابت عن العلاقة عوامل التفاهم والاحترام المتبادل وتقدير الفروق الفردية وعدم احترام مساحة الخصوصية والقدرة على الثبات الانفعالي وتقدير الظروف الطارئة لكل طرف. ونبَّه المشاركون في الاستطلاع إلى أهمية التوافق في المستوى الثقافي بين طرفي العلاقة حتى يسهل على كل طرف توصيل وجهة نظره تجاه موقف معين دون أن يشعر بأن الطرف الآخر فاقد القدرة على التواصل معه في النقاش. وحذروا من مخاطر تدخل الآباء والأمهات والأصدقاء في شؤون الحياة الزوجية بدعوى الرغبة في الصلح بين الطرفين، وهو ما يأتي غالبا بنتائج عكسية.

استطلاع - مُحمَّد قنات

وقال عبدالله القاسمي: إنَّ التآلف بين الأزواج يستوجب أن تكون هناك حالة من الانفتاح على شريك الحياة على كل الأصعدة والمستويات؛ مما يُتيح للزوجين التعبير بأمانة عن المشاعر والاحتياجات والأحلام والتخيلات والمخاوف والآمال والضعف والعيوب. ولتحقيق هذا التوافق لابد من الشعور بالأمان بحيث يصبح شريك الحياة هو الملجأ والملاذ، وعندما يحدث ما يخيف أو يروع يصبح الشريك هو مصدر الأمان، ويكتسب هذا الشعور عبر الثقة المتبادلة التي تبني على سلوكيات تشهدها الحياة اليومية، إلى جانب الشعور بالترابط والتناغم مع الشريك، وذلك لوجود الأرضية المشتركة للتلاقي إلى جانب وجود نسبة اختلافات في المستوى المقبول.

وأضاف القاسمي بأنَّ التوافق يستلزم التشارك في الهوايات والاهتمامات؛ حيث من المهم أن تكون هناك أنشطة مشتركة بين الزوجين، فضلا عن الأنشطة الخاصة بكل طرف، ومن المقبول أن تكون هناك أنشطة خاصة يمارسها كل طرف مع الأصدقاء ولو لساعات قليلة؛ لأن هذا الأمر يدعم الخصوصية، كما أنَّ هناك أنشطة مشتركة يمارسها الزوجان سويا، وتتيح لهما فرصة التعرف على المساحات المشتركة بينهما مع الاستمتاع بالوقت معا. وأشار إلى أنَّ الوصول لحالة التوافق الفكري هو أول اختبار حقيقي للعلاقة، وهو ما يغفل الكثيرون عنه ولا يسعون لدعمه، ويجهلون أهميته رغم أن مرحلة الثقة في الشريك هى التى تسمح بالتشارك في الآمال والمخاوف والآراء والمعتقدات دون خوف من سخرية أو عقاب، فيجب على كل طرف أن يتقبل الآخر كما هو دون تحفظات لحماية العلاقة. وأكَّد أن التوافق الروحي يشمل الأخلاقيات والقيم والأهداف وأنماط الحياة المشتركة، لكنه من أصعب المراحل لأنه يحتاج إلى بذل الوقت والجهد، ولا نغفل أنَّ غياب هذا الجانب يكون سببا رئيسيا للكثير من مشكلات العلاقات، وعندما يصل الزوجان إلى هذه المرحلة يصبح لعلاقتهما معنى وقيمة.

وأوضح القاسمي أن الوصول لهذه المرحلة من التوافق يتطلب أن يتمكن طرفي العلاقة من حل صراعاتهما الداخلية حول الهوية الشخصية والأهداف الحياتية. لافتا إلى أنَّ مراحل التوافق يمكن استخدامها كمعيار لقياس قوة العلاقة بين الزوجين، وكشف مواطن الخلل. وأضاف بأنَّ ضمان الوصول إلى مرحلة الحميميه يتوقف على الاختيار الجيد والمدروس من البدايه، فالتوافق هو اللبنة الأولي في بناء أي أسرة تظللها المحبه والسكينة والاحترام.

التكافؤ بوابة التوافق

وقال سالمين المقبالي: إنَّ الاختيار الجيد للشريك له أثر كبير على تحقيق التوافق بين الزوجين، كما أن عنصر التكافؤ مهم جدًّا لنجاح أي علاقة بين الأزواج، وهو عامل مهم لاستمرار الحياة الزوجية وتحقيق الانسجام بين الزوج والزوجة؛ ذلك لأنَّ التوافق ينشأ عنه انسجام ومحبة وثقة واحترام وإخلاص، وهذه الركائز مهمة جدًّا لسير الحياة الزوجية واستمرار حالة السكينة والاستقرار لنجاح الحياة الزوجية واستمرارها، كما أنَّ التوافق يخلق أسرة قوية متماسكة، مترابطة.

وأضاف المقبالي بأنَّ التفاهم بين الطرفين عامل أساسي يؤدي إلى نجاح الزواج وقد يكون هناك اختلافات وفروقات بين الزوجين ولا توجد نقاط مشتركة بينهما، لكن مع مرور الوقت تتولد بينهم الألفة ولاحترام المتبادل بالرغم من عدم وجود الحب المعروف بينهما منذ البداية وهذا يعتبر عاملا كافيا لنجاح الحياة الزوجية.

الفروق الاجتماعية

وقال سليمان بن سعيد بن خلفان الغافري: إنَّ الاختيار الصحيح لشريك الحياة من الأسس المهمة لنجاح الزواج، فإذا تحقق حسن الاختيار سيتحقق التوافق المطلوب لضمان استمرار الحياة الزوجية. موضحا أنَّ التوافق يقوم على التقارب في العوامل النفسية والعلمية والاجتماعية، مرجعا غياب التوافق في حالات الزواج إلى عدم بذل الجهد اللازم عند الاختيار في بداية العلاقة، وهو ما ينتهي بالعلاقة إلى الطلاق غالبا في حال استمرت حالة التنافر وعدم القدرة على تقبل الطرف الآخر بما هو عليه من سلبيات وإيجابيات.

وأضاف الغافري بأنَّ الحفاظ على استقرار العلاقة الزوجية يحتاج لتوافر مهارة التكيف لدى الزوجين في مختلف مراحل الحياة الزوجية؛ لذلك فإنَّ من يتمتعون باستقرار حياتهم الزوجية هم من يطورون قدراتهم الحياتية باستمرار للسيطرة على مشاكلهم الزوجية أولا بأول، وعندما يتحقق بين الزوجين تراكم من المشاعر والتوافق سيجدان الكثير من المشكلات النفسية والزوجية اختفت تدريجيا بفعل قوة الترابط العاطفي بينهما.

الاحترام المتبادل

وقال عزان بن علي بن حمد بن سيف العبري: إنَّ من أهم أسس نجاح أي علاقة زوجية التوافق بين طرفي العلاقة وتبادل واجبات الاحترام والتقدير؛ فالحب والاحترام هما خليط من القوه الاجتماعية يحميان الأسرة من خلال عطف كل طرف على الآخر بدلا من التربص وتصيد الأخطاء، ولا ننسى أنه لا إنسان كامل، فيجب على كل طرف تقبل الطرف الآخر بعيوبه قبل مميزاته والعمل على تحقيق التوازن النفسي والعاطفي لتقليل الأزمات الزوجية.

وأضاف العبري بأنَّه من الأسس التى تبنى عليها حالة التوافق بين الزوجين الانتماء إلى الكيان الأسري؛ لأنَّ الزواج ليس علاقة رسمية فقط، أو مجرد علاقة جسدية وإنما هو علاقة أبدية ارتضى الطرفان أن يكمل كلٌّ منهما الآخر من خلالها، وأن يعيشا الحياة بحلوها ومرها، ويشعر كل منهما بآلام الآخر، ويسعى ليكون سببا في إسعاده، كما أنَّ التوافق بين الطرفين في أساسيات بناء الشخصية يؤدي دائما لنجاح العلاقة الزوجية؛ حيث يكون هناك تواصل نفسي وفكري وعلمي واجتماعي، وإذا انعدم التوافق كان ذلك سببا رئيسيا لكثير من حالات الطلاق.

وأشار العبري إلى أنَّ من أسباب فشل العلاقات الزوجية تدخل الآباء والأمهات والأصدقاء في شؤون الزوجين، إلى جانب إقدام الزوج على خطوة الارتباط بواسطة أحد أفراد العائلة دون سعي من جانبه لمعرفة مدى التوافق مع الشخصية التي من المنتظر أن يرتبط مصيره بها، وهنا تظهر الآثار السلبية بعد الزواج من حيث عدم وجود القناعة الكافية لدى الطرفين بجدوى الاستمرار في علاقة غير توافقية، إلى جانب عوامل منها عدم الشعور بالمسؤولية تجاه الآخر، وعدم توافر الثقة المتبادلة مما ينتج عنه عدم القدرة على البوح بالأسرار لمن يفترض أنهم أقرب الناس إلى بعضهما.

تعليق عبر الفيس بوك