تحالف.. والناتج صفر!

زينب الغريبيَّة

ما الذي يحلُّ بالعالم من حولنا، عالمنا القريب والبعيد، تختلط فيه الأمور وتتأزم، لا أعلم ما الذي حلَّ بنا كشعوب خليجيين، وعرب، ومسلمين لما يُشارف وضعنا على الانهيار؟ فنحن منه قاب قوسين أو أدنى، إن لم يكن منا من قد وضع قدمه على حافة الهاوية، أهي نهاية العالم؟ حين يعود الإسلام غريبا؟ ويضعف المسلمون ويتشتت أمرهم؟!

النفط -وهو الثروة المادية التي نقلتْ دولنا إلى عالم الحضارة المادية، بتقنياتها ومظاهرها- وحياة الترف التي عاشها الجميع حتى وإن تخفَّت وراء تلك الرفاهية ديونٌ طائلة من أجل تحقيق المظهر العام المجاري للآخرين، بدأ ناقوس الخطر يطرق بابه، السعرُ يتناقص في الوقت الذي بدأ فيه الاحتياطي بالتناقص، ليزيد الأمر حدة، هل سنفقد حينها أحلامنا وأحلام أبنائنا في الحياة التي ألفناها؟ والتي طالما حلمنا بأنها ستتقدم للأمام.

فلا نرى تحركا جادا في تنويع مصادر الدخل التي ستسهم في الدخل المحلي، ولا في تجويد التعليم الذي سينقذ شبابنا وأجيالنا، أم أننا نؤجل ذلك حتى تحتكم الأزمة، أم أن الوضع سيتعدل وما علينا سوى الانتظار؟ أم أنَّ الازدهار يأتي بعد العواصف؟ فما المصير الذي ينتظرنا؟ ورغم أنني متفائلة في الغالب إلا أنني أطرح هذه التساؤلات خشية على الأحلام الصغيرة التي تغرد في سماء الطفولة الحالمة بمستقبل مشرق، والتي تعودت على العيش الرغيد.

ونحن نرى اللعب السياسي التي تتحرَّاه دول كأمريكا برفعها للحظر على تصدير نفطها، في وضع عالمي تنحدر فيه أسعار النفط، ليزيد من حدة أزمتنا، هذه هي الحروب الإستراتيجية التي تطبخ على نار هادئة، لتطلق شراراتها في وقت مناسب وتقضي على النبتات من جذورها، ونحن لا نرى أبعد من التفكير في حروب طائفية، وتنازعات على دخول حلف والخروج منه، وهذا من مذهبي وذاك كافر مجوسي. ونعتقد بذلك أننا نمسك بزمام قوة تحكم وتسيطر، لها دور سياسي قيادي، ونحن في الحقيقة كأننا نقود قطيعا لنبحث عن واحة ماء في الصحراء، وقد يطول بحثنا دون أن نجدها لنرتوي.

ومن ناحية أخرى، زرعت في وسطنا قوة عابثة، تعيث في الأرض فسادا شرقا وغربا، باسم ديننا وأرضنا، تصادر ما تبقى من ثروات، وتجتث ما وجد من أمن، وتشوه صورة الدين الحنيف الناصعة، بعد أن بات العالم العربي في حروب وقلاقل داخلية، كل قطر في بلواه يعترك، أسموه ربيعا، وهو جحيم عصف بأمة كانت آمنة مستقرة فجاءها الدمار مما صنعت يداها، فأي حال بعد هذا ممكن أن نصل إليه لنقول بعدها إننا ننهار.

وإن قلنا بأنَّ تلك الدول جاءها الدمار بما صنعت أيدي شعبها، فما حال البعض الذي اتخذت أرضه لتنفيس صراعا مذهبيا، يعتقدون أنهم بذلك ينصرون الإسلام، وهو يزيدون تفرقه وتشتته، كل ينصر مذهبا، ومستعد لتقديم الغالي والنفيس، غير مكترث بما يقدم من أرواح بشرية، وخسائر مادية، ودمار شعب ليس له ذنب إلا أن اختيرت أرضه لتكون المكان المتنفس لإجراء تلك العملية، فإلى أين نتجه؟ وماذا نريد؟ ألم نجد واحة الماء بعد لنروي عطشنا؟

لا أحب السياسة ولا أحب متابعة تطورات صنيع الساسيين، ولكني أجد نفسي مكبلة بما يصل إلى مرأى عيني، ومسمع أذناي دون أن أسعى إليه، فهو لا يأخذ الإذن ليدخل، فهي للأسف واقع نعيشه، ونتجرع أحداثه، مجبرين على الخوض فيه، فهل لو اهتم السياسيون بإصلاح بلدانهم من الدخل أولا سيكون الوضع هكذا؟ هل لو فكر السياسيون أن المواطن وحياته -حاضرا ومستقبلا- هي الشيء الأهم لتغيير الحال، وأن البناء أولا، قبل أن يفكروا في التضحية بالمال والأرواح من أجل حروب خارجية بحجة القيادة السياسية، وتحكيم الرأي كدول قوية، كيف سيكون المآل الآن؟

لا أذكر هذه الحال من باب أننا -بذلك أيضا- نهتم بالشأن الخارجي قبل الداخلي، الذي لابد أن نقدمه من أجل البناء، ولكنني أرى أنفسنا في وسط كل هذا المأزق، الذي حتى لو حاولنا كحكومة وشعبا النأي عنه والاهتمام بشؤوننا الداخلية أولا، إلا أننا نجد أصابع الاتهام نحونا، فهل نرمي بما تبقى لدينا لمواجهة الأزمة الحالية في حروب لا طائل منها؟ أم أننا نُلقي بأرواح شبابنا الغالية إلى التهكلة في حرب من هم على ديننا وعهد الله؟ أم ندخر ما تبقى من قوتنا البشرية والمادية لاستثمارها في الحياة القادمة؟

فلندع السياسية إن لم نكن جيدين في اللعب بها، فلندعها لمن يُتقنها حتى لا يلعب بنا، ولنتجه نحو الداخل للإصلاح أولا، ثم إصلاح ذواتنا لنرى بعين الحقيقة من هم في صفنا ومن هم عدو لنا، ولنعلم أن القوة الحقيقية تكمن عندما نصلح الدواخل ونقويها، ونواجه العالم حينها بقوة عقولنا وإنتاجنا، ونهدد بسلاحنا الذي ننتجه بأنفسنا، بل ونهدد بقطع سلعنا ومنتوجاتنا، واستقبال طلاب في جامعاتنا لنعلمهم ما توصلنا إليه.

لن نصل إلى هذا إلا اذا أخذنا أولوياتنا، وإن كنا في عمق أزمة فلا يمكننا القول بأن الوقت قد فات، ونقف متفرجين على أنفسنا ونحن ننهار، ولا سبيل إلى الخلاص إلا بالالتفات إلى أنفسنا من الداخل، والعمل على التعليم واستثمار الكوادر البشرية لتعمل على الإنتاج، والتمسك بجوهر الدين الحنيف الذي ينبذ التعصب والتمزق، وأن نعمل على الوحدة الحقيقية ليس بالتحالفات والمجالس ولكن بوحدة الهدف والبناء، ووحدة السعي من أجل البناء الداخلي، حتى يتمكن الجميع من النجاة، وبذا نكون قوة واحدة متسقة صامدة.

Zainab_algharibi@yahoo.com

تعليق عبر الفيس بوك