رأس المال المبادر.. "إثمار"

فايزة الكلبانيَّة

الشركة العمانية لرأس المال المبادر "إثمار" هي حصيلة مؤتمر "عمان الأول لريادة الأعمال ورأس المال المبادر"، والذي نظَّمته الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة "ريادة" ووزارة التجارة والصناعة ومؤسسة "إسكان" العمانية للاستثمار؛ حيث تعد "إثمار" أول شركة تعمل في مجال التمويل برأس المال المبادر في السلطنة تتأسس بشكل حصري على يد مستثمرين من القطاعين العام والخاص، وبمشاركة مستثمرين من دول إقليمية ودولية؛ حيث سيكون رأس مال الشركة الأولي مبلغ 10 ملايين ريال عماني، كما تمَّ خلال هذا المؤتمر اختيار ثلاث شركات ناشئة كي يتسنَّى لشركة رأس المال المبادر الوليدة -والتي سيتم تأسيسها في وقت لاحق- تأمين التمويل اللازم لها.

الأكيد أنَّه وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط -وما يصاحبه من ضغوطات اقتصادية- إلا أنه ليس هناك وقت أفضل من من هذا التوقيت الزمني لاقتراح مبادرة من هذا القبيل؛ فالاقتصاد العماني تقوده إلى حد كبير قاطرة النفط وتسعى السلطنة إلى تنويع مصادر الأعمال، وهذه خطوة فريدة وفارقة لتحقيق هذه الغاية المرجوة. وتأتي هذه المبادرة تعزيزا وتطبيقاً لمفهوم ريادة الأعمال، ولرعاية الابتكارات ومنهج التفكير الابتكاري، كما تشجِّع وتدعم هذه المبادرة الأفكارَ الجديدة والمبتكرة. ويتبلور منهج تنويع الأعمال في إنشاء مزيدٍ من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تساعد على تعزيز إتاحة فرص للعمل أمام الشباب العماني وابتكار سلسلة للقيمة داخل السلطنة.

الذي يبين من حوارات الشباب من أصحاب الأعمال والمسؤولين أنَّ فكرة الشراكة بين صاحب المؤسسة الصغيرة أو المتوسطة والتجار أو كبار رجال الأعمال في المشاريع لم تكن وليدة اليوم، بل قائمة وموجودة سلفا، ولكن لفترة زمنية بسيطة، إذ لم تستمر نتيجة للخلافات التي صارت بين الطرفين مما أدى لاختفائها، وها هي اليوم تعود من جديد، ولكن بشكل أكثر تنظيما وإصرارا على النجاح من أجل التسهيل على رواد الأعمال الجدد، وتعزيز قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة؛ من خلال الجمع بين المسؤولين الحكوميين ومؤسسات القطاع الخاص والشركات العائلية أو الفردية ذات الملاءة المالية العالية، الذين يمثلون المستثمرين المحتملين للمساهمة في تأسيس شركة رأس المال المبادر؛ لتشد من عزيمة أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالرغم من تخوفات وقلق البعض من عدم تقبُّل الشباب في بادئ الأمر لمبدأ الشراكة في مشاريعهم بينهم وبين "إثمار" ومن ينضم إليها من مساهمين وممولين؛ سواء كانت جهات خاصة أو حكومية أو دولية، مثلما حدث سلفًا بين عدد من كبار التجار وأصحاب الأعمال المبتدئين نتيجة لعدم اتفاقهم، إلا أنَّ "فكر الشباب العماني" بكلا الجنسين أثبتت العكس، فكانوا مرحِّبين ومبادرين للتعرف عن قرب أكبر على تفاصيل عمل الشركة، وكيف يمكنهم الاستفادة منها، إلى جانب ما تحققه الجهات التمويلية الأخرى بالسلطنة -سواءً الحكومية أو الخاصة- ومن هنا يُمكن القول بأنَّ ثقافة ريادة الأعمال والعمل الحر لدى أبناء الوطن بدأت بالتطور والتوسع؛ مما يُساعدهم على فتح مجالات أوسع وأرحب لضمان استمراية أعمالهم؛ إيمانا منهم بأنَّ هؤلاء الشركاء في "إثمار" إلا وسيلة من الوسائل التي أوجدتْ لتساعدهم على خلق مشروع ناجح قادر على الاستمرار وسط أمواج السوق المتلاطمة.

إن البادرة الأولى كانت لصندوق الرفد كأول جهة حكومية توقع على أول وثيقة تمويل للشركة العمانية لرأس المال المبادر "إثمار"؛ كون الصندوق هو الراعي الرئيسي للشركة بنسبة 5%. ومن هنا، حان الوقت لتلاحم الجهود وتحقيق مبدأ الشراكة للرقي بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ للمساهمة في تنويع مصادر الدخل في السلطنة بشكل أكبر في ظل ما يعانيه العالم من تحديات نتيجة انخفاض أسعار النفط، وهذه الشراكة تتطلب مزيدًا من البذل في جانب المسؤولية الاجتماعية؛ سواء للجهات الحكومية أو مؤسسات القطاع الخاص الكبيرة، حتى يتمكن الصندوق من مزاولة نشاطه فعليا، إنَّ "إثمار" بحاجة للمزيد من المساهمين والداعمين حتى تغطي الــ10 ملايين ريال عماني التي سيتم ضخها لتمويل أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز العمل بالقطاع.

faiza@alroya.info

تعليق عبر الفيس بوك