مستقبل سياحتنا بحلول 2040

سيف بن سالم المعمري

Saif5900@gmail.com

أصبح من الأهمية البالغة أن تبني الحكومة خططها الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل للاستثمار الأمثل للقطاعات غير النفطيّة مستفيدة من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والموقع الاستراتيجي والمقومات الحضارية للسلطنة؛ ولعل القطاع السياحي بجميع مفرداته من أهم القطاعات الاقتصادية الواعدة التي إن أحسن التخطيط والتنفيذ في تنميته ستأتي ثماره على الاقتصاد الوطني وسيوفر فرص عمل للمواطنين ويضع السلطنة على خارطة الوجهات السياحية الأولى إقليميا وعالميا.

ولست بصدد التطرق إلى أهم المقومات السياحية والحضارية التي تتمتع بها السلطنة فهي معروفة وأشبع الحديث عنها في مقالات كثيرة في الصحافة المحلية ولكن سأركز على التحديات التي تواجه القطاع السياحي والتي من أهمها ضعف البنية الأساسيّة في المواقع السياحية وانعدامها في أماكن كثيرة والذي بلا شك أدى إلى ضعف الترويج للسياحة العُمانية محليا وخارجيا، وهو ما يفسر تقليل الاعتماد على القطاع السياحي في خطط وزارة السياحة طويلة الأمد، فهل من المعقول أن تضع وزارة السياحة مساهمة القطاع السياحي في الناتج القومي الإجمالي 4% فقط في مشروع الاستراتيجية العمانية للسياحة 2016- 2040م التي عهدت الوزارة بتنفيذه إلى أحد بيوت الخبرة العالمية.

ترى ما هي الأسباب التي على أساسها بنيت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4% فقط؟ علما أنّ العمر الزمني لتنفيذ هذه النسبة الضئيلة هو خمسة وعشرون سنة أي ربع قرن! ألا توجد مؤشرات موضوعيّة تستطيع من خلالها وزارة السياحة أن تبني عليها خططها المستقبلية لزيادة مساهمة القطاع السياحي في الناتج القومي الإجمالي، ولماذا لا تقوم الوزارة بتشخيص تحديات السياحة في السلطنة؟ وتجيب عن الأسئلة التالية: ما مدى رضا المواطن والمقيم في السلطنة عن الخدمات السياحية بمختلف المحافظات؟ ما هو وضع البنى الأساسية للقطاع السياحي في السلطنة؟ لماذا يختار العُمانيون قضاء إجازاتهم الوطنية والدينية والمناسبات في دول الجوار؟ ما هي عناصر الجذب السياحي للمواطنين العُمانيين في دول الجوار؟ وما هي أكثر الأماكن السياحية التي يقصدها العُمانيون في دول الجوار؟ هل الخدمات والإمكانيات في الحدائق والمتنزهات والمنتجعات السياحية في دول الجوار أفضل عن تلك الموجودة في السلطنة؟ وإن كانت الإجابة نعم، فلماذا؟ لماذا يختار العُمانيون التسوّق في الأسواق والمراكز التجاريّة بدول الجوار وخاصة في المناسبات الدينية والاجتماعية والوطنية؟ ما حجم القوة الشرائية للعمانيين في تلك الأسواق؟ ولماذا لا يتسوّقون في أسواق السلطنة؟ لماذا لا توجد حديقة حيوانات في السلطنة ؟ بينما معظم الذين يزورون حدائق الحيوانات في دول الجوار هم من العُمانيين ويدفعون رسوما 3 ريالات للبالغ وريال ونصف للأطفال، وتجدهم بالمئات وخاصة في الإجازات الرسمية بالسلطنة، ما حجم الأموال التي يصرفها المواطن العماني للعلاج في المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة بدول الجوار وفي الدول الآسيوية والأوربية؟ ولماذا لا تتم تهيئة مناخ الاستثمار السياحي العلاجي في السلطنة وتستفيد السلطنة من موقعها الاستراتيجي واستقرارها السياسي والأمني؟ لماذا لا تقوم وزارة السياحة باستثمار الإجازات الرسميّة بتنظيم الفعاليات والأنشطة الترفيهية في المراكز التجارية والسياحية والمواقع الطبيعية والتاريخية والأثرية؟.

لقد جاءت إجازة العيد الوطني الخامس والأربعين المجيد لتبعث برسالة لوزارة السياحة مفادها أنّ المواطن العُماني بحاجة إلى اعتناء الوزارة بجميع المقوّمات السياحية في السلطنة وتوفير خدمات البنى الأساسية وتهيئتها لتلبي ذائقة السائح العُماني والمقيم بالسلطنة، وقد سجلت أيام الإجازة الماضية زيارة أكثر من ثمانية وأربعين ألف سائح من داخل وخارج السلطنة لسد وادي ضيقة بمحافظة مسقط وارتفاع نسبة الإشغال في الفنادق والشقق المفروشة إلى 100% في معظم محافظات السلطنة، علاوة على اكتظاظ السياح في الأودية المائية بمختلف المحافظات والتخييم في رمال الشرقية وزيارة الحدائق والمراكز التجارية داخل السلطنة وخارجها.

كما إنّ عدد المليون والتسعمائة ألف التي سجلها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لنسبة زوار السلطنة منذ مطلع العام وحتى نهاية شهر سبتمبر الماضي هو مؤشر على أن تنوع المفردات السياحية للسلطنة وتباين التضاريس ساهم في أقبال الزوار عليها خاصة من دول مجلس التعاون الخليجي والدول الأوروبية ولكن لا تزال تلك النسبة لا تلبي الطموح عطفا على ما تمتع به السلطنة من مقومات سياحية وميزات نسبية في الموقع الاستراتيجي.

إذن.. هل تستطيع السلطنة أن تكون قبلة سياحية مفضلة محليًا وإقليميًا وعالميًا وأن تلبي ذائقة جميع السياح سواء السياحة الطبيعية أو السياحة التاريخية والسياحة العلمية وسياحة العلاج - لو تم التوسع وفتح مجال أكبر للاستثمار الصحي - وحتى سياحة المؤتمرات.. إلخ .

فعفوًا يا وزارة السياحة فنسبة 4% لمساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2040 لا تكفي لنطمئن على مستقبل اقتصادنا، فحينها يصبح ميلاد نهضتنا الظافرة سبعين عاما؟

تعليق عبر الفيس بوك