النقل العام وسيارات الأجرة

سيف المعمري

رغم التطور المُتسارع الذي شهدته السلطنة في جميع ميادين الحياة خلال الأربعة عقود ونصف العقد الماضية وخاصة في خدمات البنى الأساسية في مجالات الطرق والكهرباء والماء والاتصالات، إلا أنّ هناك خدمات لا تزال لم تتغير وبقيت على حالها ولم تجد مُبادرة مجتمعية أو مؤسسية لتنظيمها وهيكلتها وخاصة الخدمات العامة والتي هي حق للمواطن والمُقيم والزائر للسلطنة وسأقتصر الحديث في هذا المقال عن النقل العام وسيارات الأجرة بوجه خاص. .

فرغم أهمية قطاع النقل العام في تنمية القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية إلا أنّ الاهتمام به لا يزال دون مستوى الطموح، رغم أنه أحد أهم القطاعات الواعدة في الاقتصاد الوطني، ولم نلمس على أرض الواقع مُبادرة لتطوير هذا القطاع والاهتمام به، ولم نر جدية من الجهات المسؤولة في السلطنة للاستفادة من التجارب الناجحة التي وصلت إليها عدة دول ومن بينها دول الجوار والتي تُعد أنجع التجارب التي يمكن أن تستفيد منها السلطنة نظرًا لطبيعة المجتمع وثقافته وعاداته وقيمه، وهناك عدة أسباب تستدعي إعادة النظر في القطاع، من أهمها أن التنقل عبر وسائل النقل العام لا تزال ثقافة مستساغة في مجتمعنا العُماني وبالتالي يعتبر هذا محفزًا لتطوير القطاع وتقديم خدمات نوعية لزيادة إقبال الناس عليه، بالإضافة إلى أنّ السلطنة من الدول التي يزيد فيها أعداد العمالة الوافدة عن 180000 وافد وهم يشكلون 43.6% من إجمالي عدد سكان السلطنة بحسب إحصائية المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في يونيو الماضي، وبالتالي فمعظم هؤلاء العمالة من الجنسيات الآسيوية والذين يشكلون 87% من إجمالي العمالة الوافدة بالسلطنة حسب نفس المصدر في أغسطس الماضي وهم يعملون في المهن والأنشطة التجارية والصناعية والتي تتطلب منهم التنقل من وإلى أعمالهم بوسائل النقل العام سواء أكانت الحافلات أو سيارات الأجرة.

وفي الجانب الآخر سيُسهم تطور النقل العام في توفير فرص العمل للمواطنين بالإضافة إلى تنمية القطاعات الاقتصادية والتجارية والسياحية والاجتماعية بل وسيُسهم في تقليل الاختناقات المرورية وخاصة في مراكز المدن، كما أن تطور النقل العام يشكل أهمية بالغة لتطور منظومة الحياة وينعكس إيجابياً على المظهر الحضاري للسلطنة.

ورغم الوضع الحالي للنقل العام في السلطنة وتسييره رحلات يومية بين محافظات مسقط والمحافظات الأخرى، والإقبال الكثيف عليه من المواطنين والمقيمين، إلا أنّ زيادة الرحلات وتوسيع محطاتها في جميع ولايات السلطنة وليس في مراكز المحافظات فقط، بالإضافة إلى فتح المجال للاستثمار في هذا القطاع وتشجيع العُمانيين وتقديم التسهيلات اللازمة، وتأسيس شركات المساهمة العامة أصبح حاجة ملحة لتطوير هذا القطاع الواعد.

أما عن سيارات الأجرة فغياب المؤسسة المعنية التي تقوم بتنظيم التنقل عبر هذه السيارات وخاصة في مراكز الولايات وأيضاً من ولاية إلى أخرى بجميع محافظات السلطنة أبقى هذا النشاط على حاله دون أي جديد، فأصحاب سيارات الأجرة بحاجة إلى أماكن وقوف مخصصة ومهيئة لهم لانتظار الركاب وليس كما هو الحال الآن، حيث اتّخذ أصحاب سيارات الأجرة من مظلة انتظار الركاب غرفة للنوم والأكل ومجلس يتسامرون فيه ويتناوبون في المكوث فيه دون مراعاة للركاب الذين في أحيان كثيرة يبحثون عن مكان يقيهم حر الصيف وبرودة الشتاء وملاذا من الرياح العاتية والغبار المتصاعد وتساقط الأمطار.

بالإضافة إلى ذلك فإنّ عدم وجود جهة معنية بتنظيم عمل سيارات الأجرة يساهم في التلاعب في أسعار النقل، وهو بلا شك مظهر غير حضاري ويسيء للإنسان العُماني ودماثة أخلاقه حينما تكتشف أنّ بعض أصحاب سيارات الأجرة يحاولون استغفال الركاب سواء كانوا مواطنين أو مقيمين من خلال عدم احترامهم للراكب فتجده مثلاً يدخن أو يرفع صوت جهاز التسجيل بالأغاني والموسيقى والتي قد لا يستسيغها الراكب، بالإضافة إلى طلبه لثمن الأجرة خلافاً لما هو متعارف عليه في التنقل من وإلى مكان معين، ويظهر ذلك جلياً عند تعاملهم مع السياح الذين يفدون للسلطنة وهو بلا شك أمر يجب أن يتم الوقوف عنده لكونه يترك في ذهن السائح سمعة غير حميدة عن المجتمع العُماني، والحل في ذلك من خلال تطبيق تعرفة للنقل لا يمكن لسائق سيارة الأجرة أن يجتهد فيها، أو من خلال عداد سيارات الأجرة وهو النظام المعمول به - منذ سنوات - في دول الجوار، صحيح أن أصحاب سيارات الأجرة جميعهم عُمانيون وفي أحيان كثيرة لا يوجد لديهم دخل سوى ما يحصلون عليه من سيارات الأجرة ولكن لا يعني ذلك ألا يوجد نظام متبع وآلية عمل لضمان حق أصحاب سيارات الأجرة وكذلك حقوق الركاب، فمتى سنرى رؤية واضحة لتنظيم النقل العام وسيارات الأجرة في السلطنة؟.
Saif5900@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك