من أجل الوطن .. تجربة الشورى

علي بن مسعود المعشني

ونحنُ على بُعد أسابيع من انتخابات الفترة الخامسة لمجلس الشورى، يهمنا كثيرًا اليوم أن نقرأ هذه التجربة ونُقيّمها بعين العقل والحكمة ومن جميع الأوجه والزوايا، لابعدد السنين والحساب دونما طائل أو رجاء.

فتجربة الشورى حين ولدت من رحم تجربة المجلس الاستشاري وقبله مجلس الزراعة في عام 1991م،كنّا نعتقد كمواطنين أنّها إمتداد طبيعي للتجربتين الماضيتين وتطوير لهما، وأن الشورى حاجات عُمانية خالصة كمجلس الزراعة والاستشاري.

واليوم ونحن على أعتاب المرحلة الخامسة من عمر الشورى، يمكنني القول كمواطن عماني متابع عن كثب لهذه التجربة،إنّ الشورى كعنوان تجربة عُمانية وموروث إسلامي، ولكنه كأدوات وهياكل اليوم نجد أنه غريب علينا .. وهذا ليس كلامي وقناعتي الشخصية، بل من محاكمة التجربة واستنطاقها عبر مراحلها من النشأة ولغاية اليوم.

فتجربة الشورى ولدت من رحم أزمة اسمها حرب تحرير الكويت، وكل مايولد من رحم أزمة أو في زمانها يبقى أزمة دائمة، كنشأة مجلس التعاون الخليجي من رحم أزمة الثورة الإيرانية وتداعياتها، وأزمة الدستور الكويتي والذي ولد في ظرف أزمة بين الشعب والأسرة الحاكمة في مطلع الستينيات من القرن الماضي، فولد دستورًا جامدًا ومُعطلًا لجميع أوجه الحياة السياسية والتنموية في الكويت وتجلى ذلك في العشرية الأخيرة، وبقي مجلس التعاون يراوح مكانه بانتظار زوال نهج الثورة الإيرانية!!.

وبالعودة إلى تجربتنا الشوروية، نجدأنّ المولود الشوروي نمابصورة تفوق المخطط له والمرجو منه من قبل الحكومة أو المجتمع، وأصبح بعيداً عن القيمة المضافة المرجوة منه .. وهذا كله نتيجة لغياب التصور والنظرة الشاملة لمفهوم الشورى كتجربة كان يفترض أن تولد متكاملة ومتناغمة مع الحاجات الفعلية للدولةوالمجتمع، فتتكامل مع الحكومة وتنهض بالمجتمع وأن نؤسس لثقافة الشورى ونتفاعل معها في البيت والمدرسة والشارع والإعلام .

ونحتاج مستقبلاًإلى أننتدارك التجربةوإعادة إنتاجها كحاجة عُمانية خالصة مغموسة في الموروث والثوابت والقيم، بعيداً عن تكريسالقبلية والمناطقية والنخبوية واللوبيات .. ويبقى أملنا في تجربة المجلس البلدي الفتية في التأطير القانوني المعاصر والقديمة في تجربتها في الدولة العُمانية المعاصرة، علنا نستطيع تطعيمها بشيء من الصلاحيات والمزايا والتشريعات والصلاحيات التنفيذية الجبرية لتمكين توصياتها من التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع . ففي اعتقادي أنّ تلك الأدوات مجتمعة، يضاف إليها موازنة مالية سنوية للتنمية المحلية في كل محافظة بالنسبة والتناسب ومراعاة المساحة والسكان والتضاريس، سترتقي بالعمل البلدي كثيرًا، وسيرفع ذلك عن كاهل الحكومة الكثير من العتب والحرج والمطالبات والإلحاح، فكل مجلس بلدي أدرى بشعاب محافظته وأولوياتها.

الارتقاء بالخدمات والجودة

بقينا طيلة 45 عامًا من عمر نهضتنا المباركة، نهتم بالتراخيص والأوراق الرسمية والأمور الإجرائية للأنشطة التجارية بمختلف أنواعها، ولم نهتم على الإطلاق بتحسين خدمات تلك الأنشطة أو جودة منتجاتها السلعية أو الخدمية، وتركنا كل ذلك لقدرات ورغبات ومزاج مالك النشاط.

لهذا تجاوزنا الزمن في الكثير من الخدمات وتحسين جودتها، بل أصبحنا نشعر بالخجل أحيانًا من رداءة بعض الخدمات وتقليديتها، رغم توفر الممكنات الهائلة للتطوير من تقنية وكوادر، ورغم ظهور نماذج راقية لتلك الخدمات في أقطار الجوار.

ليس عيبًا أو مستحيلًا مثلًا أن تُفرض خدمات الغسيل السريع على كافة محال غسيل الملابس، وليس عيبًا أو مستحيلًا فرض شروط أنشطة بعينها في محطات النفط تخدم السكان والشرائح المستهدفة بدلًا من الندرة أو التكرار، وليس عيبًا أو مستحيلًا إعادة تصنيف المقاهي والمطاعم وإعادة توصيف ماتقدمهمن الطعام والشراب وأدوات الطهي والتقديم والنظافة العامة، فتوفير الشروط الأساسية لكل نشاط للارتقاء به ومتابعته سيترك المجال لاحقًا لصاحبه لإضفاء لمساته وتميزه إن رغب وتوفر له.

الدراما العُمانية

شعرنا بفخر شديد وارتياح كبير للتوجيهات السامية لجلالة السلطان المفدى - حفظه الله ورعاه - للنهوض بالدراما العُمانية ومعرفة معوقاتها وسُبل تطويرها، لما لهذا القطاع من أهمية ورسالة في المجتمعات للنهوض بالوعي والرقي بالذائقة الفنية للمجتمع، وقد علقنا آمالًا عريضة على ماستتمخض عنه هذه التوجيهات من توصيات وقرارات ودعم وتشجيع، ولكننا صُدمنا بإغلاق الملف وتناسيه تمامًا ومنذ عام 2011م بالتحديد، مع تدنٍ واضح وازدياد معاناة هذا القطاع والعاملين به بصورة أكبر، خاصة مع إغلاق الأشقاء في أقطار الخليج المنافذ أمام الدراما والبرامج العمانية، وإنكفائها على الداخل والإنتاج التجاري الاستثماري البحت.

ليت الجهات المختصة تعيد فتح هذا الملف الهام وتولي التوجيهات السامية جل اهتمامها لنرى على الأقل قطاعا خاصا بالدراما العُمانية ومايتعلق بها،إن لم نر هيئة مستقلة خاصة بها،مع دعم وتشجيع شركات الإنتاج الفني العُمانية أسوة بجوارنا على أقل تقدير .

قبل اللقاء: مالم يكن همك الوطن، فأنت هم على الوطن. وبالشكر تدوم النعم

Ali95312606@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك