التمويل من أموال الزكاة

 

حمود الطوقي

يعد موضوع التمويل أحد أهم التحديات التي تواجه قطاع رواد الأعمال على الرغم من وجود صندوق خاص يقوم بهدا الدور؛ وهو صندوق الرفد الذي تأسس بتوجيه مباشر من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- على هامش ندوة سيح الشامخات الأولى.
وبناءً على هذا التوجيه والاهتمام السامي بقطاع رواد الأعمال تسابقت العديد من المصارف بتقديم تسهيلات، وتمويل هذا القطاع الحيوي والهام.
وكما نعلم أنّ فكرة التمويل من قبل البنوك تنطلق من قاعدة الربحية مهما كان هامش هذا الربح الناتج عن نشاط الإقراض، والذي قد يختلف بحسب نوع ونشاط المشروع الممول، لذا أرى أن نشاط الإقراض والتمويل من قبل البنوك يعتمد في المقام الأول على نسبة الفائدة بغض النظر عمّا إذا كان المشروع ناجحًا أو فاشلا.
وكوننا نعتبر القطاع المصرفي شريكًا مهمًا وإستراتيجيا في نجاح مشاريع رواد الأعمال فذلك يتطلب ألا تقوم البنوك بتمويل المشاريع إلا في ظل وجود مناخ استثماري قادر على الإيفاء بمتطلبات القرض، ففي كثير من الأحيان تدخل المشاريع الممولة في خندق مظلم نظرًا للضبابية التي تُغلّف المشروع؛ ومع مرور بضعة أشهر تبدأ عمليات المطالبة تارة والتهديد والوعيد تارة أخرى إلى أن تصل القضية إلى المحاكم وتنتهي بأن يكون الضحيّة هو المقترض أو رائد الأعمال كما يحلو تسميته هذه الأيام .
هناك مقترح لمساعدة المبتدئين في ممارسة التجارة خاصة ذوي الدخل المحدود، وقد يبدو هذا المقترح غريبًا بعض الشيء ولكنّي أراه مناسبًا جدا؛ فقط يتطلب تفعيل هذا المقترح وجود فتوى شرعيّة؛ لكي تكتمل أركانه، وحسبنا أنّ هذا المقترح سيكون فأل خير، وعاملا مساعدًا لتشجيع أصحاب المهن والراغبين في خوض مضمار التجارة لتحقيق النجاح بعيدًا كل البعد عن الاقتراض من قبل البنوك ومؤسسات التمويل .
المقترح الذي أنشده في هذا المقال أوجهه للمسؤولين بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة، كونها الجهة المسؤولة عن توزيع أموال الزكاة بتخصيص جزء من هذه الأموال وتوجيهها لدعم مشاريع رواد الأعمال؛ بحيث يكون الانطلاق لإقامة المشروعات من رواد الأعمال من ذوي الدخل المحدود والمُستحقين لأموال الزكاة المُجمّعة من التجار ومن تنطبق عليهم شروط دفع الزكاة، وفي اعتقادي أنّ هذا التوجّه سوف يعزز من قدرات هذه الفئة لتدخل في خانة الفئة المنتجة بدلا من أن تبقى تحت رحمة أموال الزكاة طوال حياتها .
وبحسبة بسيطة لو وجهنا هذه الأموال واستثمرناها في كوادرنا فستعود بالنفع على المجتمع ككل.
جميعنا نذكر واقعة الحدث عندما تقدم أعرابي طالبًا يد العون والمساعدة ووجهه النبي الكريم بأن يحتطب وبيع ما يجنيه خير له من أن يطلب من هذا وذاك,, هذه الواقعة تعكس مدى حرص النبي محمد صلى الله عليه وسلم على غرس ثقافة العمل الشريف بين صفوف صحابته رضوان الله عليهم أجمعين.
إنّ وضع آلية في ظل وجود تشريع وفتوى لتوزيع أموال الزكاة للمبتدئين في ممارسة التجارة سيجنّب الكثير من شبابنا طرق أبواب البنوك، والتي تفتح ذراعيها مستقبلة المقترضين بالأعناق؛ ولكن مع مرور الأيّام وفي حالة عدم مقدرة المقترض على الإيفاء بمتطلبات القرض والسداد يتحول الترحيب إلى سيناريو جديد تكون مشاهده بوابة الزنزانة وقاعات المحاكم.
يكفي أن تزور أروقة المحاكم لتتأكد من حجم القضايا التي يتم الترافع حولها، وستجد أن أغلبها هي قضايا الإفلاس والإعسار وإصدار شيكات من غير رصيد وعدم قدرة المقترضين على سداد القرض .
لهذا أكرر.. إننا نتطلع إلى أن نرى تحركًا من قِبل صندوق الزكاة لتقديم حلول جذرية لتجنيب مبادرات الشباب التجارية الوقوع في فخ الاقتراض .
ربما يعتبر البعض المقترح غبيًا ولكنّي اعتبره واقعيًا وعمليا.. وأتمنى أن يرى النور قريبا.

تعليق عبر الفيس بوك