بين منتخبين!

المعتصم البوسعيدي

يكمُن سر النجاح في "الدوافع" التي يبني عليها الإنسان هدفه، من أجل ذلك -ربما- خرج إلينا منتخب الناشئين لكرة القدم "بسفينة الأمل" وسط طوفان الأزمات، ولعل الذهب الخليجي سيصبح طوق النجاة وطريق الخلاص. وما استوقفني في هذا الإنجاز هو المدرب يعقوب الصباحي؛ الذي ظهر على منصة التتويج -حسب ما استقرأت- وهو يتحدث مع راعي حفل الختام عن البطولة وكيف أنه لم يحالفه الحظ بالتتويج في البطولة السابقة، أنه الإصرار والتفوق على الذات ومنحها "الدافع" للنجاح، لن أقول علينا الحفاظ على المنتخب ووضع الخطط والإستراتيجيات...وغيرها؛ فهذه من المسلمات، لكنني أقول يجب أن يكون منتخب الناشئين "صك شرعي" لمحاكمة القائمين على كرة القدم العُمانية في قادم السنوات.

اليوم.. يقف الأحمر الكبير على أعتاب بوابتين ستحددان عبوره من عدمه إلى العالمية بروسيا 2018 والآسيوية بالإمارات الشقيقة 2019، وقبل ذلك على الكابتن علي الحبسي ورفقائه أن يستلموا دفة القيادة من الأحمر الصغير؛ فالطوفان لا يزال يهدد الكرة العُمانية، ولن يُنظر إلا للنتائج الإيجابية، فالغريق لا يهتم في طريقة نجاته أكانت بسفينة أو قارب أو حتى قطعة خشب تحمله للضفة؛ حيث الحياة!

مجموعة منتخبنا في التصفيات المزدوجة نظريًا تبدو في المتناول رغم وجود المنتخب الإيراني العريق الذي ما عاد يُشكل لنا سوى منافس قوي قادر على الفوز علينا وقادرين على تخطيه، ودوافع المنتخب في نظري أكثر من (المحبطات) فالجهاز الفني مستقر ولم تزعزعه هزات المطالبة بإقالته والاتحاد له توأمة مع كل الأطراف من الأجهزة الفنية والإدارية واللاعبين، وعليه أن يُوجِدَ مساحة كبيرة للتعاطي الاعلامي ويبني جسور جديدة بشفافية أكثر وتصالح أكبر مع الجميع، مع التأكيد على أهمية التعامل مع لياقة اللاعبين الذهنية؛ فلا يمكن تقوية العامل البدني دون الذهني، وأجد في هذا الأمر أهم مفاتيح الفوز في المباراتين القادمتين على وجه الخصوص.

المنتخب التركمنستاني ليس بالفريق السهل والوقوع في مغبة هذا الاستسهال سيكلف منتخبنا كثيرًا، لذلك يجب أن نتذكر تعادله مع إيران وليس خسارته من غوام التي أعتقد إنها ستمثل القلق الأكبر، وأظن كذلك بإن مواجهتنا لها على أرضها ستشكل علامة فارقة في سير التصفيات، وإن كنا نريد الذهاب بعيدًا فعلى لوجوين ان يحدد خياراته وان لا يضع شماعات جاهزة للإخفاق خاصة وانه كان يطالب ببداية مبكرة للدوري، فلاعبوه من غير المحترفين الثلاثة هم قريبين منه في معسكر المنتخب وهي الفرصة المُثلى لإيجاد التجانس، بل أن الاسماء الموجودة بالمنتخب هي مع بعضها منذ فترة ليست بالقصيرة.

يتردد صوت في أذني عند كتابة كل كلمة عن المنتخب قبيل خوضه غمار أي بطولة، والحقيقة هناك صوتان؛ الأول الوقوف مع المنتخب والتغاضي عن أي منغصات سلبية حتى وإن كانت موجودة فالكل يدفع في الاتجاه الإيجابي فقط، والثاني يرى بان النقد لا يخضع لوقت معين طالما هناك اخطاء أو مؤشرات أو قراءات يمكن الحديث عنها ومهما كانت إيجابية أم سلبية، وربما تكون كلا الحقيقيتين صحيحتين لأن العبرة بالتعامل معهما بسياسة (الاعتدال)، وان كنت أميل جدًا للطرح المفتوح دون الخضوع لمبررات المرحلة؛ حتى لا تغيبنا لحظة فرح عن اخطاءنا، أو لحظة فشل عن ايجادنا للحلول التي في أحيان كثيرة تميل كل الميل نحو المسبب لا السبب.

بين منتخبنا الناشئ ومنتخبنا الأول ثمة جمهور متلهف قد يكون بعضه أو معظمه بعيدًا عن المدرجات لأسباب كثيرة، إلا أنَّ المطالبة بالدعم الجماهيري يجب ان تنطلق من أرضية الملعب فالحكمة تقول: "إذا كنت غنياً فتناول طعامك متى شئت، وإذا كنت فقيراً فتناول طعامك متى استطعت" الأمر مرهون تمامًا بثراء ما يقدمه المنتخب وهو منذ فترة ليس في الوضع الغني الجاذب، وهذا بطبيعة الحال ليس مبرر لعدم الحضور ولكن نحن ننتظر الأفضل لأننا نظن بوجوده بين أفراد المنتخب وعلى امتداد العشب الأخضر في كل انحاء الوطن.

بين منتخبين ليس مقارنة بقدر ما هي مقاربة؛ فالوضع العام واحد وربما الاستعداد كذلك، وإن كنا نتحدث عن (قدوة عكسية) فليكن طالما الغاية واحدة، فالقدر هو من جعل المنتخب الأول يخوض المباراتين القادمتين بعد إنجاز خليج الناشئين، وقد آن الوقت كي يرتدي الأحمر ثوب الفرحة بخليجي 19، وعلينا أن نتحلى بروح النصر ومواجهة التحديات، ومباراة المنتخب الهندي في باكورة التصفيات أصبحت من الماضي ولم يبقَ في ذاكرتنا منها سوى النقاط الثلاث التي ننتظر زيادتها لتسع نقاط قبل مواجهة الإيرانيين في ختام جولة الذهاب.

تعليق عبر الفيس بوك