عُمان المحبَّة والسَّلام

سالم الكثيري

على ما يتعرَّض له الموسم السياحي والمهرجان من انتقاد إيجابي؛ بهدف تصحيح الأخطاء الطبيعية التي تحصل في أي عمل، هناك الكثير من اللوحات التي تلفت الأنظار بلا شك، وهناك الكثير من الجهود التي بُذلت طيلة العام لإنجاح هذا الموسم وغيره، وهي للإنصاف جهود مقدرة ومشكورة.

من بَيْن ما شدَّني من هذه اللوحات المختلفة الفنية والثقافية والتراثية والاجتماعية...وغيرها، عُنوان مهرجان صلالة السياحي لهذا العام "عمان المحبة والسلام"، والذي أرى أن المنظمين قد وفقوا في اختياره إلى حدٍّ بعيد.

هذه اللوحة البسيطة في التصميم، العميقة في المعنى والتعبير، والتي تحمل لنا صورة صاحب الجلالة -حفظه الله- رجل السلام الذي اتخذ من السلم توجها ومنهجا لسياسته في الداخل والخارج لنجني هذه الأيام ثمرة هذه النظرة السامية بعيدة المدى؛ لتصبح عمان واحة للمحبة والسلام في وقت يعيش فيه جُل الوطن العربي مرحلة من أسوأ مراحل الدمار والقتل والتشريد، وتغدو مسقط قبلة للفرقاء الباحثين عمَّن يجمع شملهم ويلم شعثهم ويوفق بينهم. ثم هذا القلب الكبير الذي أفسِّره مُتجاوزا ما يرمي إليه المصمم/المصممة المبدع بأنه قلب الوطن الذي يضمُّ الجميع ويتبادل فيه القائد وشعبه العطاء والتقدير والاحترام فيعمُّ السلام على هذه الأرض الطيبة وارفة الظلال؛ لتطير منها حمائم السِّلم إلى مختلف البقاع والأمصار، حاملة أغصان الزيتون وأوراق اللبان المعطرة بروح الحياة رمز الأمن والأمان منذ القدم.

بعيدًا عن التكلُّف والمجاملة، أعجبتني هذه اللوحة أيما إعجاب، ولم تمل عيناي التحديق فيها كلما مررت على شارع أو تقاطع أو عمود معلقة عليه. أناظرها وزخات الخريف تتساقط عليها لتزيدها جمالا وبهاء وتفاؤلا بحياة أجمل ومستقبل أفضل، مُستشعرا ما نحن فيه من نعمة تستوجب الشكر والعمل للمحافظة على المنجزات وإلحاقها بالمزيد والمزيد.

... لقد أوْفَى صاحبُ الجلالة بوعده عندما أعلن في خطابه الأول منذ توليه الحكم أنه سيسعى لتستعيد عمان مجدها ويعيش أبناؤها في كرامة ورفعة؛ لذا فإنَّ من واجب كل عماني مخلص لوطنه أن يُساهم في مسيرة البناء والسلام هذه بأن يؤدي أمانته على الوجه الأمثل. على المسؤول أن يترفَّع عن المحاباة والمصالح الشخصية، وأن يضع نُصب عينيه مصلحة الوطن أولا وأخيرا، وعليهم أن يكونوا أكثر جُرأة في محاربة الفساد وتبني البرامج والرؤى التي تدفع بالوطن نحو سلم التقدم والتطور، خاصة فيما يتعلق بالتعليم والاقتصاد والعدالة الاجتماعية، وعلينا جميعا أن نقدِّر ما يتم بذله من جهد وعمل، وأن نراعي ما تواجهه الدولة بمؤسساتها المختلفه من تحديات قد تحدُّ من تحقيق الأهداف وفق طموحاتنا كمواطنين.

فبالعمل والتقدير ووضوح الرؤية وتقبُّل النقد وتصحيح الأخطاء وإيمان كلٍّ منا بقدرات الآخر ووطنيته، سنتمكن من المحافظة على "عمان المحبة والسلام"، وسيتعزز هذا المفهوم في داخلنا يومًا بعد آخر. ونحن أحْوَج إلى هذا الأمر هذه الأيام أكثر من أي وقت مضى.

تعليق عبر الفيس بوك