الزراعة وأهميَّتها في الاقتصاد الوطني

ناصر الجسَّاسي

كانَ أهلُ كاليفورنيا يستخرجون الذهبَ من باطن الأرض حتى صَاحَ بهم ستارك صيحته الشهيرة: "إنكم تعطلون الأرض باستخراج الذهب، ازرعوها ذهباً"، قالوا: "كيف يُزرع الذهب؟!"، قال: "ازرعوها تفاحاً وستجنون الذهب".. وهكذا بدأت زراعة التفاح في كاليفورنيا وأصبحت تدر لهم الذهب وسُمِّي "ستاركن" نسبة إليه.

ومن اهتمامات مولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم بالزراعة خصَّص العام 1988 عاماً للزراعة لإيمانه العميق بدَوْر الزراعة في الأمن الغذائي، ورافداً أساسيًّا للاقتصاد العماني، كما أنَّ للمغفور له -بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كلمة مُختصرة وشارحة لأهمية الزراعة في الوطن: "أعطوني زراعة، أضمن لكم حضارة".

وإننا لنُمارس في عبري نفس العمل الذي كان يُمارسه أهل كاليفورنيا بتعطيل الأرض المتمثل باستخراج ثروة المعادن من باطن الأرض؛ حيث نُلاحظ كثرة الشركات العاملة في التعدين، وبالمقابل ضَعْف الاهتمام بالثروة الزراعية، والتي اشتهرتْ بها الولاية خلال الحقبة الزمنية الماضية؛ فقد اشتهرت منطقة مقنيات بزراعة شجرة المانجو "الأمبا"، والتي استقدمها من إفريقيا الملك فلاح بن محسن النبهاني، كما اشتهرت عبري بتصدير التمور لولايات السلطنة والدول المجاورة وأشهرها "الخلاص"، ناهيكم عن باقي المحاصيل الزراعية الأخرى.

أما النخلة.. فتتميز ولاية عبري بكثرة النخيل وتعدد أصنافها؛ حتى إنَّ النخلة تدخل ضمن شعار الولاية، ولكن المتتبِّع لحال النخلة في الولاية يجد أنَّ الاهتمام بها قلَّ بشكل جذري؛ وذلك لأسباب متعددة؛ أهمها: شح المياة، إضافة إلى انصراف معظم الأهالي لأعمال أخرى إلا أنَّ دخول الفسائل النسيجية أتاح الفرصة لتكاثر أعداد النخيل بشكل نسبي، ووضح ذلك من خلال التعداد الزراعي الأخير بزيادة 2672 نخلة عن التعداد السابق، وهو مُؤشِّر جيد، ولكن بحاجة إلى اهتمام أكبر.

جميع أودية الولاية تذهب إلى صحراء الربع الخالي، تشكل مخزونا جوفيا هائلا؛ مما أتاح لدول الجوار إقامة مزارع على الشريط الحدودي. وبالمقابل، لم نستغل نحن هذا الأمر، والسدود الموجودة الحالية لا تفي بالغرض المطلوب؛ حتى مع إنشاء سد وداي السليف وسد وادي العين مستقبلاً، يبقى هناك ما يقارب الـ10 سدود أخرى في طور الدراسة.

إن مُساهمة القطاع الزراعي لا تتجاوز الـ10% من الاقتصاد الوطني، لذا فالأمر بحاجة لبذل مزيدٍ من الجهد والتركيز على هذا الجانب؛ وذلك من خلال:

- تخصيص المزيد من الميزانية العامة للدولة لدعم القطاع الزراعي.

- إنشاء مزيد من السدود.

- دعم الأفلاج بالآبار (الرق).

- دعم المزارعين بالمعدات الزراعية الحديثة المتطورة.

- الإكثار من مراكز البحوث الزراعية.

- إعادة فتح منافذ التسويق الزراعي.

- تخصيص أراضٍ للاستثمار الزراعي على الشريط الحدودي في صحراء الربع الخالي لرفد الأسواق المحلية بالمنتجات الزراعية.

- زيادة نسبة القروض من بنك التنمية العماني.

تعليق عبر الفيس بوك