عمانيون في ليفربول: الأجواء الرمضانية في الغربة تفتقر إلى دفء العائلات وونس الأصدقاء

◄ الشكيلي: تقبل البريطانيين لطقوس الصيام يُشعر الطلاب المغتربين بالتقدير والاحترام

◄ الشبلي: تناول الإفطار مع مسلمين من مختلف الجنسيات يتيح لنا فرصة التعرف على ثقافات مختلفة

◄ الجنيبي: اشتقت للوجبات التي تعدها الوالدة بمذاق خاص في رمضان

◄ الراجحي: العائلات البريطانية التي نقيم معها تسمح لنا بممارسة طقوسنا الدينية بكل أريحية

◄ العجمي: حديثنا مع أصدقائنا الأجانب عن عُمان يزيد من شوقهم إلى زيارتها

يعيشُ عددٌ من الشباب العمانيين أجواءَ استقبال شهر رمضان وعيد الفطر الفطر خارج السلطنة؛ في تجربة قد تكون جديدة على بعضهم، بعيدا عن أهلهم وعائلاتهم وأصدقائهم، ويفتقدون خلالها لمَّة الجيران وتجمُّعَهم على الموائد الرمضانية، كما يفتقد بعضهم صوت الأذان والتجمعات الشبابية والدورات الرمضانية الرياضية والثقافية والاجتماعية؛ نظرا لظروف الدراسة في الخارج، في مجتمع تختلفُ عاداته وتقاليده عن المجتمع العُماني، كما تختلف ثقافته عن ثقافة المسلمين. والتقت "الرؤية" عددًا من الطلاب الدارسين بالخارج للتعرُّف على طقوسهم ويومياتهم في استقبال ووداع شهر رمضان الكريم.

مسقط - سَيْف العزيزي

في البداية، قال حسين بن علي العجمي -المبتعث من قبل مكتب المستشار الدولي لخدمات التدريب لدراسة اللغة الإنجليزية في مدينة ليفربول- عن تجربته: هذه المرة الأولى التي أقضي فيها شهر رمضان بعيدا عن أهلي في السلطنة؛ حيث أحببت استغلال الإجازة الصيفية في تعلم اللغة الإنجليزية في المملكة المتحدة، وأشعر أحيانا بالغربة لوجودي في مجتمع غريب عن عاداتنا وتقاليدنا العمانية، ولكن يجب على الفرد أن يصبر ويتأقلم مع الوضع الجديد، وفي بداية رمضان شعرت بالتعب كثيرا بسبب طول وقت الصيام الذي يصل إلى أكثر من تسعة عشر ساعة، لكن مع مرور الوقت اعتدتُ ذلك، كما أن برودة الجو تساعد على الصيام فدرجة الحرارة غالبا ما تكون حول العشرين.

وعن يومياته، قال العجمي: بعد استيقاظي من النوم، أذهب لمدرسة اللغة الإنجليزية في وسط المدينة؛ حيث ألتقي أصدقائي من مختلف الجنسيات ونتبادل الأحاديث، وكل منا يتحدث عن بلده وعن ثقافته ويسأل الآخرين عن بلدانهم، وعندما نتحدث عن عمان بما تزخر به من مقومات سياحية وتراث وحضارة يتشوق أصدقاؤنا لزيارتها ويعدوننا بزيارتها في المستقبل.

أما عيسى بن سلمان الشكيلي -الطالب في تخصص الهندسة الميكانيكية بجامعة ليفربول- فقال: إنَّ ساعات النهار التي يقضيها الطالب المبتعث في الصيام تعد فرصة عظيمة لزيادة الأجر، وأضاف: الحمد لله الذي رتَّب الأجر على المشقّة، وجعله يزداد بما يحصل منها. ومع تطور أدوات الحياة المعيشية، فإنَّ المبتعث قد تمرُّ عليه ساعات الصيام دون عناء أو مشقّة بتوفيق من الله ورحمة. ومع أنَّ الصيام يفقد متعته في حال كان الطالب بعيدا عن أهله ووطنه، إلا أنه يحاول الحفاظ على تلك الحالة وسط الأصحاب والأصدقاء من العمانيين وغير العمانيين من العرب والمسلمين من مختلف دول العالم ليشاركهم إعداد الطعام والجلوس على الموائد الرمضانية، إضافة إلى التجمعات اليومية للطلاب لتبادل الأحاديث عن الحياة الدراسية وما يتعلق بالجامعة وأحاديث أخرى عن الغربة.

ومن العوامل التي تُعيْن الطالب على الصيام، قال إنَّ أهمها تقبُّل المواطنين البريطانيين لفكرة الصيام؛ حيث نشعر دائما بأننا محل تقدير واحترام، كما نشارك في الفعاليات التي تنفذها الجالية المسلمة في البلاد؛ حيث نؤدي صلاة التراويح في جماعة ونشاركهم الإفطار واللقاءات الرمضانية.

ومن جانبه، قال الطالب مُحمَّد بن سعيد الشبلي: جئت إلى ليفربول مع مكتب المستشار الدولي لخدمات التدريب لدراسة اللغة الإنجليزية، وصادفت أن تكون الإجازة الصيفية هذا العام في رمضان، وكان شعوري بالغربة من ناحية افتقادي للأهل في عمان. أما من ناحية الأصدقاء، فكانت فرصة أن نتعرَّف على أصدقاء جُدد من جنسيات مختلفة، خاصة من المسلمين؛ حيث نتناول وجبة الإفطار في مسجد عبدالله كيوليوم الذي يجمع مجموعة كبيرة من المسلمين من مختلف الجنسيات، والذي أتاح لنا فرصة التعرف على نمط حياتهم في رمضان، لقد أحببت الأجواء الرمضانية في المسجد، والتي أبعدت عني الشعور بالغربة، وأشعر دائما أنني بين أهلي وإخواني.

وقال فهد حمد المزروعي -الطالب في السنة الثانية بجامعة جون مورس: استقبلتُ شهر رمضان بشوق ولهفة لما فيه من خير وبركة وروحانية، إلا أنَّ الأجواء الرمضانية في الغربة تختلف تماما عمَّا هي عليه في أرض الوطن؛ لذلك افتقدنا الجو الأسرى. وهناك صعوبة من ناحية الدراسة؛ حيث إنَّ عدد ساعات الصيام هنا تتجاوز الـ19 ساعة يوميا، إضافة إلى الذهاب للجامعة من الصباح وحتى قبيل العصر، خصوصا وأنَّ هذه الفترة تصادف الامتحانات النهائية.

وأضاف المزروعي بأنَّ الاعتماد على النفس في تحمل الصوم وأداء الواجبات الدراسية في آن واحد يصنع من الشخص رجلا قادرا على الاهتمام بنفسه. ونحن في ليفربول استطعنا أن نصنع هذه الأجواء الرمضانية مع الزملاء المبتعثين عن طريق التجمع على مائدة الإفطار مما يخلق بعض من الأجواء الرمضانية التي اعتدنا عليها في أرض الوطن، وبالرغم من أننا في دولة غير مسلمة، إلا أنَّنا لم نواجه أيَّ مشكلات أو مضايقات خلال ممارستنا للعبادة في هذا الشهر، وعلى العكس فهم ينظرون إلى الصيام كثقافة لا كعبادة، ويبدون كلَّ الاحترام والتقدير لنا، وهذا ما يُميِّز المجتمعات الغربية.

أما سعيد بن يحيى الجنيبي -الطالب في كلية ليفربول الدولية تخصص إدارة الاعمال- فقال إنها السنة الأولى له في الجامعة بالبرنامج التأسيسي، وهذه هي السنة الأولى التي يقضى فيها أول رمضان له في بريطانيا بعيدا عن لمة الأهل، وأضاف: لذلك أشعر بالفارق كثيرا؛ فروحانيات رمضان في عمان تتميز بلمة الأهل على مائدة الإفطار إضافة إلى الأجواء الاجتماعية؛ لذلك أحبذ قضاء رمضان في عمان. كما أشتاق كثيرا للوالدة -حفظها الله- وأشتاق للوجبات التي تعدها لنا ولطعامها الذي لن أتذوق طعمه في مكان آخر غير البيت؛ فوجبات مثل المكبوس والهريس والقبولي والشوربة واللقيمات لن أجدها هنا في ليفربول، وإن وجدت فبطعم مختلف.

وقال مُحمَّد بن موسى الراجحي: لم يؤثر على صيامنا ساعات النهار الطويلة؛ فالجو في هذه البلاد يختلف كثيرا عن عمان؛ حيث تمتاز بريطانيا ببرودة الجو خلال فصل الصيف ومناخها جميل جدا ولا نشعر بالتعب. والمواطنون هنا لطفاء في تعاملهم وذوي خلق يساعدونك إذا كنت في حاجه إلى شيء، ويعتذرون إذا اخطأوا في حقك، وما أعجبني فيهم التزامهم بالمواعيد وتنظيمهم لأوقاتهم.

وأضاف الراحجي بأنَّ العائلات البريطانية التي نقيم معها تحترم ديننا الإسلامي وثقافتنا العربية؛ فهم يسمحون لنا بممارسة طقوسنا الدينية ويومياتنا بكل أريحية من حيث ذهابنا للمسجد، ويمنعوننا من الذهاب للمسجد في الليل حرصا منهم علينا؛ حيث يعتبر الوقت متأخرا عندهم بعد صلاة العشاء ولا يخرجون في تلك الفترة. كما أنَّ العائلات تجهِّز الإفطار لنا في المنزل، لكننا متشوقون إلى الإفطار والسحور مع العائلة أو مع بعض العمانيين لكي نشعر بأننا في السلطنة.

وقال سليمان بن حمير المعمري عن تجربته: شعور جميل أن تعيش مع مسلمين من دول مختلفة، تتناول معهم الإفطار في المسجد، والأجمل هو ممارسة اللغة الإنجليزية معهم؛ حيث إنني قدمت هذا الصيف إلى المملكة المتحدة لتعلم اللغة الإنجليزية، ولم نشعر بالغربة كثيرا؛ حيث نذهب وأصدقائي في مكتب المستشار الدولي لأداء صلاة الجمعة في المركز الإسلامي بليفربول، جامع الرحمة. وهناك يأتي المسلمون من مختلف الجنسيات، كما أن غير المسلمين يحترموننا والعائلات البريطانية يتحدثون معنا عن رمضان وعن مدى تحملنا للبقاء دون أكل أو شرب لفترة طويلة؛ فنخبرهم بأنَّنا تعودنا منذ الصغر على الصوم، ونؤكد لهم أن الصوم في بلادهم سهل بسبب درجات الحرارة المنخفضة والأمطار المستمرة والتي تختلف كثيرا عن درجات الحرارة في عمان.

تعليق عبر الفيس بوك