سالم بن نجيم البادي
عائشة السيفي ليست اسمًا عابرًا في المشهد الثقافي؛ بل تجربة متكاملة أثبتت حضورها واستحقاقها، حين فازت بجائزة "شاعر المليون" عن جدارة، في منافسة لا تعترف إلّا بالموهبة الحقيقية.
وفي وقت المسابقة، تداعى محبو الشعر والداعمون للإبداع إلى إنشاء مجموعة عبر تطبيق الواتساب لدعمها، وضمت أشخاصًا من مُختلف أنحاء سلطنة عُمان. ورغم أنَّ التصويت كان مقابل مبلغ مالي، إلّا أنَّ الإيمان بموهبتها الشعرية الفذّة كان الدافع الحقيقي للتصويت لها بكثافة.
عائشة السيفي شاعرة وأديبة، تكتب مقالات عميقة وراقية ورصينة، أقرب في لغتها وبنائها إلى الشعر، وتتناول فيها قضايا عامة، وتنتقد بعض الشخصيات والجهات بصراحة ووضوح، دون مواربة أو خوف.
وإلى جانب ذلك، فهي ناشطة اجتماعية ذات حضور طاغٍٍ ومختلف؛ سواء في الواقع أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث تظهر متفائلة، باسمة، واثقة من نفسها، تمارس الرياضة، وتسافر، وتعشق الحياة، وتقرض الشعر، وتشارك في الفعاليات الأدبية داخل الوطن وخارجه.
وعلى الصعيد الأسري، تولي عائشة عائلتها اهتمامًا فائقًا، والمقربون منها يُدركون ذلك جيدًا.
هذه الشاعرة ترسّخ قيم الأسرة، وتحافظ على العادات والتقاليد الاجتماعية الموروثة الحسنة، إلى جانب نجاحها المهني وإبداعها في الوظائف التي شغلتها، والمهام الوطنية التي كُلّفت بها. وحين نتحدث عن عائشة السيفي الشاعرة والمهندسة والعاملة والناجحة، فإننا نتحدث عن قدوة حقيقية يُحتذى بها.
غير أن النجاح، كما هو معلوم، لا يأتي دون أثمان. فقد تعرضت عائشة السيفي لمحاربة شرسة من الحُسَّاد وأعداء النجاح، ومن فئة تدّعي أنها حارسة الفضيلة، ووصية على الدين والأخلاق، تفسر النصوص الدينية وفق فهم ضيق وجهل بيّن، وتمارس الغلو والتشدد، وتتدخل في شؤون الناس باسم الغيرة على الدين.
وقد وصل الأمر ببعضهم إلى اتهامها بمخالفة الشرع والقانون، بل والتعدي على الذات الإلهية- وحاشاها- وهي ادعاءات لا تستند إلى دليل أو برهان.
ونحن في دولة قانون، تحكمها مؤسسات، وتسهر فيها أجهزة الأمن على أمن المجتمع واستقراره. وكان الأجدر بهؤلاء الذين أسرفوا في الإساءة والتجريح العلني أن يسلكوا الطرق القانونية إن كانت لديهم حجج أو أدلة، بدلًا من إطلاق الكلام البذيء والتشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
العتبى لكِ، أيتها الشاعرة المبدعة المجيدة، الشامخة كشموخ قلعة نزوى، والعريقة كعراقة المدينة نفسها، والراسخة كما حارة العقر، والصافية كماء فلج دارس المنساب.
ومعذرةً إليكِ؛ إذ ظهر بعد مقابلتك مع الإعلامي جمال المُلا، الذين لا يرون في المرأة إلا كائنًا يجب تأديبه إن خرج عن قوالبهم الضيّقة، ويعتقدون أن كل أنثى ناجحة قد تمردت على الأعراف.
لكن لا عليكِ. أنتِ قوية رغم الصعاب والعقبات، ورغم كثرة المحاربين والمتربصين في طريق نجاحاتك المُشرقة. استمري، وانطلقي؛ فالأكيد أنكِ لن تتعثري، ولن تسقُطي، ولن تلتفتي إلى الخلف أبدًا.
وأخيرًا.. أقف بقلمي عاجزًا وخجولًا أمام قامتك الشعرية السامقة، فقصيدتك العصماء- وهي بحق درة من درر الشعر العربي- كانت أبلغ من أي مقال، وأغنت عن كل دفاع، حين ختمتِها بقولك: «فمن أوكل الرحمن كيف يُضيعه؟».
