القروض الشخصية وأسعار الفائدة العالمية

 

 

 

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

يأمل الجميع أن يُؤدي خفض أسعار الفائدة السنوية في البنوك حول العالم بنسبة 0.25% (ربع نقطة مئوية) إلى تخفيف الأعباء عن كاهل المقترضين؛ سواء من الأفراد أو المؤسسات التجارية وخاصة لرواد الأعمال الصغار، ويُحسّن من وضعهم المالي، ويزيد من سيولتهم.

هذا من شأنه أن يُنعش أعمالهم ومؤسساتهم عالميًا بعد فترة من الصعوبات التي لحقت بهم في السنوات الأخيرة نتيجة انتشار وباء كوفيد-19. وفي عُمان يتابع أصحاب المؤسسات ورواد الأعمال نشاطهم في ظل التمويل الذي يحصلون عليه من النشاط المصرفي، حيث يعمل عدد كبير من البنوك التقليدية والإسلامية في البلاد. ولا تزال القروض الشخصية في البلاد تُشكل جزءًا كبيرًا من محفظة الائتمان لدى البنوك؛ حيث تتراوح قيمتها ما بين 10 إلى 11 مليار ريال عُماني سنويًا وخاصة في السنوات الأخيرة.

ووفقًا لبيانات البنك المركزي العُماني بشأن توزيع الائتمان المصرفي، فقد بلغ إجمالي قيمة الائتمان المصرفي الممنوح من البنوك التقليدية والإسلامية في عام 2024 نحو 32.5 مليار ريال عُماني. ووفقًا لهذه البيانات، فقد تم توجيه ما يقرب من 27.1 مليار ريال عُماني، أو حوالي 83% إلى القطاع الخاص بحلول عام 2024. وشكلت الشركات غير المالية ما يقرب من 44.8% من هذا الائتمان المصرفي، بينما شكلت الأسر والأفراد ما يقرب من 45.6% من ائتمان القطاع الخاص خلال نفس الفترة. وقد تم توجيه معظم القروض الشخصية الممنوحة من البنوك العُمانية للأفراد لتمويل مشاريع الإسكان أو لتحسين المنازل وفي مجالات التعليم والزواج والعلاج الطبي، بالإضافة إلى الإنفاق على العطلات وشراء السيارات والأجهزة المنزلية والاستهلاك العائلي والترفيه. وتخضع جميع هذه القروض لإشراف ومعايير واحتياطات البنوك والمؤسسات المالية والبنك المركزي العُماني، مما يضمن عدم تجاوزها عن 40% من إجمالي قيمة الائتمان المصرفي، نظرًا لأن المستويات المرتفعة من ديون الأسر يمكن أن تشكل خطرًا في حالة حدوث أية صدمة اقتصادية.

وعلى الرغم من وجود فئات تغطي كل قطاع اقتصادي من حيث القروض الممنوحة له، إلا أنه لا توجد بيانات مفصلة ضمن إحصاءات البنك المركزي العُماني حول القروض المصرفية الشخصية المستخدمة في المشاريع الترفيهية. ومع ذلك، فمن المعروف على نطاق واسع أن معظم هذه القروض الشخصية تُنفق على تحسين مستويات المعيشة والإجازات وشراء السيارات والأجهزة. بمعنى آخر، يذهب جزء كبير نحو الاستهلاك الترفيهي/المعيشي وليس بالضرورة نحو الاستثمار الإنتاجي أو المشاريع التجارية. كما يستخدم بعض المقترضين من البنوك التقليدية والإسلامية هذه القروض الشخصية لإنشاء مشاريع تجارية صغيرة أو لشراء مساكن، بالإضافة إلى حصولهم على التمويل من بنك التنمية العُماني لأنشطتهم التجارية.

وفي السنوات الأخيرة، لوحظ أن بعض المقترضين من البنوك يستخدمون هذه القروض أيضًا لشراء وحدات سكنية، بالإضافة إلى التمويل المستمر الذي يحصلون عليه من بنك الإسكان العُماني في هذا الشأن.

ووفقًا لبيانات البنك المركزي العُماني لعام 2024، فإنَّ نسبة القروض المتعثرة لدى الأفراد والأسر منخفضة، مما يشير إلى أن الأنشطة السارية ضمن القروض الشخصية وكذلك من قروض الإسكان، تُدار بمستويات مخاطرة مقبولة. ولا شك أن وجود بنك الإسكان العُماني لدعم قروض الإسكان يدل على التزام وطني واضح بتوفير السكن للمواطنين، وليس مجرد لتقديم قروض لأغراض الاستهلاك الأخرى. وهذا يشجع المواطنين على شراء وحدات سكنية مستقلة، سواء من خلال التمويل من هذا البنك المتخصص أو عن طريق الحصول على قروض من بنوك أخرى في الدولة.

وعمومًا يأمل الجميع أن تتم مراجعة أسعار الفائدة السنوية على القروض الشخصية للفئات الصغيرة ورواد الأعمال الصغار سواء لشراء للعمل التجاري أو لشراء مسكن أو لأغراض أخرى مختلفة مثل التعليم أو شراء سيارة أو الزواج، حتى يتمكن الجميع من تلبية احتياجاتهم دون تحمل أعباء مالية كبيرة.

الأكثر قراءة