"نزدهر".. جهد وطني ينتظر التنفيذ

 

 

 

 

◄ الازدهار الحقيقي لن يكتمل ما لم يُترجم إلى فرص عمل نوعية للعُمانيين

 

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

 

قبل أسبوعين، كتبتُ مقالًا بعنوان "خبر صادم" حول الأرقام التي كشفتها وزارة العمل بشأن ضعف نسب التعمين؛ حيث أظهرت أن مئات الآلاف من المنشآت لا تضم أي موظف عُماني، والآن، وبعد حضوري اللقاء الإعلامي الذي نظمه فريق البرنامج الوطني لتنمية القطاع الخاص والتجارة الخارجية "نَزدهِر"، أدركت أن خلف الأرقام جهودًا حقيقية تبذل بصمت، لكنها ما زالت بحاجة إلى متابعة دقيقة وتحويلها إلى نتائج ملموسة، وضمان تنفيذ ما يتواءم مع بيئات الأعمال بسلطنة عُمان.

البرنامج الذي يقوده الأستاذ خالد الشعيبي يضم نخبة من الشباب العُمانيين الذين يعملون بخبرات مهنية كمحللين للأسواق المحلية والعالمية، وباحثين عن الفرص الاستثمارية الواعدة في مختلف المحافظات والقطاعات ذات الأولوية مثل الصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية، والأمن الغذائي، والقطاع السمكي وقطاع الصناعة والسياحة، كما يضم الفريق مجموعة تفاوض محترفة تُعد ملفات متكاملة للمشاريع وتقدمها للجهات الحكومية بالشراكة مع القطاع الخاص، سعيًا لتحقيق الانتعاش الاقتصادي وجذب الاستثمارات وتعزيز الصادرات بالشراكة مع كثير من دول العالم الصديقة والشقيقة.

لكن ما لفت انتباهي هو حجم العمل الميداني الذي لا نراه غالبًا، من دراسات وتحليلات واجتماعات مطولة ومفاوضات مع مستثمرين، إنها جهود تستحق التقدير، غير أنها لن تحقق غايتها ما لم تقترن بنتائج واضحة على أرض الواقع بعدما تسلم هذه الحزمة من المبادرات والمشاريع الاستثمارات للجهات المختصة وتُسند للتنفيذ للقطاع الخاصة وبمتابعة مستمرة.

جميعنا يؤمن بأن نجاح أي مبادرة أو استثمارات اقتصادية لا يُقاس بعدد الاجتماعات أو المقترحات؛ بل بكمّ المشاريع المنفذة فعليًا على أرض الواقع وبعدد الوظائف التي توفرها للمواطنين لتساهم في إنعاش الاقتصاد وإيجاد حلول للقضية التي تؤرق الجميع الباحثين عن عمل وتكدس مخرجاتنا الوطنية.

ولذلك، فإنَّ من الضروري أن تتضمن مفاوضات "نزدهر" مع المستثمرين بندًا أساسيًا يتعلق بنسب التعمين والتوظيف الفعلي للعمانيين، لضمان أن ثمار هذه الجهود تعود بالنفع المباشر على أبناء الوطن.

كما ينبغي وضع آلية متابعة وقياس سنوية لحجم المشاريع المنفذة ونتائجها الاقتصادية والاجتماعية، حتى لا تبقى الملفات حبيسة الأدراج أو رهينة التعقيدات الإدارية، نظير تلك الجهود التي بُذلت لدراستها والتتويج بالتنفيذ للقدر الأكبر الذي يتواكب مع متطلبات الاقتصاد والسوق العماني وبيئة الأعمال بمختلف القطاعات.

برنامج "نزدهر" يمثل اليوم أحد أعمدة تحقيق رؤية عُمان 2040، بما يقدمه من مبادرات لتطوير بيئة الأعمال، وتبسيط الإجراءات، ودعم الابتكار، وتمكين القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني.

إلّا أنَّ الازدهار الحقيقي لن يكتمل ما لم يُترجم إلى فرص عمل نوعية للعُمانيين؛ فهذه الفرص هي الثمرة التي ننتظرها جميعًا من كل جهد وطني صادق.

الأكثر قراءة