وحدة الألم والدموع!

 

 

يوسف عوض العازمي

@alzmi1969

 

"الوحدة الحقيقية القائمة بين العرب هي وحدة الألم والدموع"، محمد الماغوط.

******

قبل فترة تحدث أحد الأحبة بحرقة عن واقع الأمة، وبأن ما يحدث في ساحات بني يعرب لم يعد أمرًا هينًا، ويؤكد أن مأساتنا أننا أمة تنسى، هزائمها ودموعها والدماء والأعداء، لذلك فنحن نكتب التاريخ لنتذكر، لا فقط لنوثق، وبأنه هناك بالأساس قضية شعورية أعمق بكثير مما هو على السطح.

وبالطبع الناس تأسف وينتابها الأسى والغضب لأحوال الأمة، ولا يمكن وأجزم أنه لم يتهاون أحد، ولم تنسَ ولم تتهاون، ولم تتلكأ، لكنه زمان جعل الناس يتمسكون بأضعف الإيمان، عندما لم يبق غيره للغضب والاحتجاج.

الأمة مازال بها الخير، لكن المُعطيات مختلفة تماما، والواردات ليست أكثر من الصادرات، والحالات لم تجد إحالات، وإيعازات، وكلا يشاهد من زاوية، وكلا يبحث وينقب عن عذر، والأعذار الواهية أكثر مما تحصى أو تعد.

نعايش زمنًا ليس لنا، والأمور تجتاز المعقول، وتنحدر عن المناسب، وتتجاوز المنطق، اثنان وعشرون بقعة تكتفي فقط بالاحتجاج اللفظي والورقي، وإن غضبت فباستحياء.

صحيح بمقاييس السياسة الأمر غير متمكن منه لكنه إنسانيا لم يحرك التفاتة من الجفون، ترى العيون وكأنها لم ترَ ما يكون.

زمن "يالله نفسي" قد ينطبق عليه زمان: "أكلت لما أكل الثور الأبيض"، لكن من يفهم؟ وإن فهم، فهل باستطاعة الفاهم أن يفرش الفهم على الطاولة ويحسبها حسبة مصير؟

يبدو أن الأمور وكأنها السبحة تنفل قليلًا قليلًا، وبهدوء، ولا نعلم هل ستكون عبارة من النيل إلى الفرات عنوانا قادما للزمان الآتي؟

الأوراق مختلطة، والمعطيات السياسية مؤلمة، فمن أتخذ قرار الحرب لا يملك الشرعية السياسية الكافية لتبوؤ منصات الثقة لدى ملاك القرار، الحرب قرار يفترض صدوره ممن يملك القرار الشرعي، والسلام كذلك ينطبق عليه ذات الحال، لذلك التصرف وفق منهجيات تعتمد على الأمر الواقع لم تعد كافية ولا وافية لتحقيق إجماع مفترض، والاحتماء بجهات هي نفسها لم تحمِ نفسها، لا يفيد، ولا تطلب من الحافي نعالاً، لذلك أصبح ملاك القرار بين مطرقة الأمر الواقع وسندان الشرعية السياسية .

تحقيق الانتصارات لا يأتي بالتهور وفرض سياسة الأمر الواقع، ثم تطلب المساندة والمواقف الداعمة، بل بتفعيل الاتفاقات التي تزرع الثقة الحقيقية، وليست اتفاقات ينتهي مفعولها مع أول غسل لليدين بعد وجبة بوفيه مفتوح فاخرة.

أما الكتابة والتوثيق، فليست لنا أو ملكنا، لكنها للأجيال القادمة كشهادة شاهد عيان لا يملك سوى القلم والكتابة، ولتبين حقائق قد لا ينتبه لها حتى معدو نشرات الأخبار على قنوات الفضاء المختلفة.

وقبل تحقيق أي شيء؛ فالفزعة الحقيقية هي تحقيق الوحدة العربية الصادقة قولا وفعلا، وليس فقط ترديد شعارات تصلح لطابور الصباح في إحدى المدارس.

قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" (الرعد: 11).

الأكثر قراءة