رحلة جديدة

 

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

مقبلون خلال الأيام القليلة القادمة على بداية مشوار تعليمي آخر، وتحدٍ جديد يطرق الأبواب ويغازل النجمات ويصافح القمر، أيام مليئة بالبهجة وعودة الحياة الروتينية الجميلة. ورغم أن الحياة المدرسية لها طعم خاص، إلا أن حياة الكليات والجامعات والمعاهد أيضًا لها روتين آخر، ولكل مرحلة دراسية متعة مختلفة.

عندما كنا على مقاعد الدراسة تمنّينا أن يمضي الوقت بسرعة كي نكبر ونحقق الأحلام، وعندما كبرنا تمنّينا أن نعود صغارًا، لأن الأحلام شاخت وضاع العمر، ولم يكتمل الحلم الوردي الذي نسجنا خيوطه سنوات طويلة انتظارًا لنهايته السعيدة، إذ بعد سنوات من الدراسة نجد الكثير منا حبيس البيوت باحثًا عن عمل، أو مسرّحًا، أو آخر يعيش حالة من الاكتئاب والقلق النفسي بسبب ظروف الحياة الصعبة التي تمر بنا.

ورغم ذلك لا يزال التفاؤل يرسم ملامح المستقبل، ويخطط للجميل المرتقب؛ فالقادم دائمًا أفضل، ومن أفواهكم تؤخذ أقداركم، فتمنّوا الأفضل وانتظروه، فهو قادم لا محالة، ولا بد لكل إنسان منا من نصيب من الفرح، ونصيب من الحياة السعيدة التي ستأتي ولو بعد حين.

يفرح الأطفال كثيرًا عندما يتوجهون لشراء مستلزمات المدارس، وتغمرهم تلك البهجة التي لا يحس بها إلا الأطفال؛ بل يكادون لا ينامون من الفرح قرب مستلزماتهم الجديدة، وفي كثير من العائلات الأخرى نلاحظ نوعًا من الحزن، الذي قد يطال الأطفال الذين يحلمون باقتناء حقيبة مدرسية جديدة أو مستلزمات أخرى، وهم من الأسر المتعففة، أو كان ذووهم من المسرحين أو الباحثين عن عمل. فالناس في هذا الزمن لا يسلفون أو يساعدون من ليس لديه راتب، لأنه -بالمختصر- لن يتمكن من السداد في ظل الفاقة والعوز.

لكننا نناشد القلوب الرحيمة أن تشعر بهذه المعاناة، وأن تكون المؤسسات والشركات الكبيرة داعمة لهذه الفئة؛ كي نشعر بالإنصاف تجاه ضحكات الأطفال الأبرياء ودموع الفرح والحزن التي تطال تلك الطفولة الجميلة، وتجعل الطفل يعيش حياة غير مستقرة، وفي مقارنة مستمرة مع الأطفال الآخرين. فبالله يجب علينا جميعًا التكاتف والمساعدة والبذل والعطاء.

نحن بحاجة ماسّة إلى إنشاء مؤسسة تُعنى بتقديم الرعاية لجميع طلاب المدارس غير القادرين على توفير أبسط المستلزمات الجديدة. فالغلاء صعب جدًا، ولسنا نتحدث هنا عن جمعيات الزكاة في كل ولاية -وهي جمعيات مشكورة- ولكنها في النهاية لا تسعى إليك، بل أنت من يسعى إليها. أما المؤسسة العامة التي من شأنها الاهتمام الدائم بطلاب المدارس والجامعات، وتقديم الخدمات الأساسية لهم، وحصرهم، والتواصل المباشر معهم، وتقييم حالة المعيل؛ فهي ضرورة، خاصة أن الشخص المتقاعد أيضًا لديه التزامات كثيرة، منها الفواتير المعتادة وتوفير حياة كريمة، ناهيك عن راتبه التقاعدي وكمية الاستقطاع الشهرية التي تطاله.

رفقًا بهذه الفئة، ورفقًا بالآباء والأمهات، ورفقًا بالأطفال، ورفقًا بمن ليس لديهم القدرة الكافية على شراء تلك المستلزمات. ففي كل عائلة أكثر من طالب واحد، ناهيكم عن مرور أيام الإجازة وهم ليسوا كبقية الأطفال الذين قضوا عطلتهم الصيفية في الترفيه.

أستغرب كثيرًا من وجود مؤسسات خيرية لا تقوم بدورها الفاعل، وإنما تتباهى ببعض الأعمال التي لا يستفيد منها كثيرون، فلنرحم ذلك الأب الفقير، وتلك الأم المعسرة، فقد زاد الحمل عليهم، وارتفعت قيمة كل شيء بشكل كبير.

لنبدأ الرحلة بسلام، ولنساعد بعضنا البعض، ولنرتب المشاهد، ونعمل معًا على تحقيق هدفنا الحقيقي في الحياة اليومية وفي المستقبل، ولنفتح آفاقًا جديدة للعيش والعمل بسلام دائم.

الأكثر قراءة