◄ تحديات الباحثين عن عمل تتطلب "حلولًا جرئية"
◄ مشاريع القيمة المحلية المضافة تفتح آفاقًا أوسع لفرص العمل
◄ دعوات بزيادة الاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر الوطنية
◄ ضرورة اتباع "آليات مرنة" في التعمين تُراعي "خصوصية" كل قطاع
الرؤية- ريم الحامدية
مع تزايد الاهتمام بقضايا التوظيف وقلة فرص العمل، يُجمع خبراء على أن التعمين يمثل إحدى الركائز الأساسية لتعزيز المحتوى المحلي ودعم الاقتصاد الوطني وتمكين الكفاءات الوطنية، مشيرين إلى أنه رغم الجهود الحكومية والقطاع الخاص المتواصلة، ما يزال سوق العمل الوطني يواجه تحديات عدة، تستدعي البحث عن حلول شاملة ومتكاملة.
وناقش المختصون في مشروعات القيمة المحلية المضافة، عبر منصة "قيمة" على تطبيق التراسل الفوري "واتساب"، سياسات التعمين وأثرها على تعزيز المحتوى المحلي، مُسلطين الضوء على أبرز التحديات التي تواجه الباحثين عن العمل في السلطنة، والتي تتعلق بفجوة مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، والاعتماد الكبير على العمالة الوافدة، وقلة التنوع الاقتصادي.
وأشار المشاركون في هذا النقاش المفتوح إلى ضعف برامج التدريب والتأهيل الموجهة نحو الوظائف النوعية، وبطء نمو القطاعات التي تستوعب القوى العاملة الوطنية، إضافة إلى وجود وظائف حرجة لا تزال مهيمنة عليها العمالة الوافدة. ورصدت جريدة "الرؤية" هذه المناقشات الموسعة التي شهدت حضور عدد من الخبراء والمختصين في سوق العمل والمحتوى المحلي.
حوكمة التعليم
وأكد المختصون ضرورة مواءمة التعليم الجامعي والمهني مع متطلبات السوق عبر نظام حوكمة يشمل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة العمل، إلى جانب تحفيز الشباب على ريادة الأعمال وتمكينهم من خلال دعم المشاريع الصغيرة، وإلزام الشركات بخطط تعمين فعلية ضمن سياسات المحتوى المحلي مدعومة بمشاريع ذات عائد اقتصادي كافٍ.
وشملت الحلول المقترحة تقديم برامج تأهيل تخصصية سريعة مرتبطة مباشرة بالوظائف المتاحة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص تدريب وتوظيف حقيقية، بالإضافة إلى تطوير بيئة العمل في القطاع الخاص لتكون أكثر جذبًا للمواطنين. كما نوه المختصون إلى أهمية وضع خطة إحلال مدروسة تشمل إدراج تخصصات جديدة في الجامعات والكليات، ومتابعة التدريب أثناء الدراسة لضمان مصداقية وجودة التدريب العملي.
تحديات التعمين
ولفت النقاش إلى تحديات ملموسة تواجه التعمين مثل تهافت الشركات على جلب العمالة الوافدة دون الاهتمام بتوظيف العُمانيين بما يتناسب مع المخرجات التعليمية سنويًا، إضافة إلى تشريعات وشروط عمل قد تُعيق فرص المواطن، منها تحديد سن معين أو اشتراط شهادات تختلف بين العُماني والوافد، إلى جانب تفاوت في الرواتب رغم تساوي المؤهلات.
وأكد المختصون على فعالية نموذج "التدريب المقرون بالتوظيف" الذي نجح في توفير وظائف حقيقية مع تأهيل عملي على رأس العمل؛ مما أسهم في الإحلال التدريجي للعمالة الوافدة، مُستشهدين بنجاحات شركات مثل "تنمية نفط عُمان” التي خلقت آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة من خلال تبني سياسة المحتوى المحلي.
وأضافوا أن الغرامات المرتفعة تُعد أداة ضغط فعالة لإلزام الشركات بالالتزام بنسب التعمين، مُشددين على أن توطين الوظائف الناجح هو نظام مُتكامل يربط بين التعليم الجيد، الصناعة التنافسية، والسياسات الاقتصادية الذكية، مستفيدين من تجارب دول مثل كوريا الجنوبية التي استثمرت طويل الأمد في تطوير الكفاءات الوطنية.
قرارات جريئة
وفي الوقت نفسه، شدد المشاركون على أهمية اتخاذ قرارات جريئة ومدروسة للإحلال على المدى القصير مع تحمل التكلفة المصاحبة، والعمل على وضع استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز المقاومة الثقافية وتغيير الصورة النمطية لبعض المهن، وضمان رواتب تنافسية، وسد الفجوات المهارية عبر التدريب المُمَنهَج، إضافة إلى الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لاستشراف احتياجات السوق المستقبلية.
وتُعد الرقابة الصارمة على العقود وضمان تنفيذ نسب التعمين بشكل فعلي من أبرز التحديات، حيث ما يزال غياب التمكين الحقيقي للعُمانيين في المشاريع ملموسًا، ويُكتفى بتحقيق النسب رقميًا دون وجود أثر عملي حقيقي.
واختتم المختصون نقاشهم بالتأكيد على أهمية دعم الحاضنات وربطها باحتياجات المشاريع لتطوير مؤسسات عُمانية حقيقية، وتمكينها من المنافسة الفعلية في السوق المحلي؛ مما يفتح آفاقًا واعدة لتعزيز المحتوى المحلي وتحقيق التنمية المُستدامة.