لِماذا يقسو قلب المرأة؟

 

محفوظ بن راشد الشبلي

Mahfood97739677@gmail.com

 

حدثتنا قصص التاريخ عن بطولات النساء وعن قوة رباط جأشهن في الزمان الماضي، وبعضهن حَكمن ممالك ودخلن غِمار السياسة من أوسع أبوابها وحَملن السيف ونزلنا المعارك، وفي زماننا الحالي حَكمن دول وأقاليم حتى سُمّيت مارجريت تاتشر رئيسة وزراء مملكة بريطانيا السابقة بالمرأة الحديدية لتطبيقها للسياسات الحازمة بدون أي تمييز لأي طرف ولقوة حكمتها وسياستها، وجميع تلكم النساء لهن ما يُبرر قسوة قلوبهن للمناصب اللاتي تقمصن أدوارهن فيها، أما نظيراتهن من النساء فما هي مُبررات قسوة قلوبهن؟

 

يُحدثني زميل وهو قاض يتنقل بين المحاكم بأحكام عمله بأن بعض القضايا التي تمر به لا تحتاج لطرق باب المحكمة فيها بتاتًا، ويجتهد في المرأة صاحبة الشكوى التي رفعتها ضد من؟ ضد زوجها وأب أولادها بتبسيطها لها بالطرق الشرعية السهلة والتي ستنصفها دون بت دعواها في المحاكم، ويوضح أبسطها باستدعاء طرف من قِبل أهلها وأهل زوجها وسينتهي الأمر بإنصافها حتمًا ويتعهد لها بذلك، إلّا إنها تصر على النكاية بزوجها وجرجرته في قضايا لا تحتاج لعناء المحاكم بتاتًا، فكيف يقسو قلب المرأة لهذه الدرجة وعلى من؟ على أقرب الناس عليها وهو زوجها!!

 

وزميل يحدثني أن زوجته وضعته في قفص الاتهام أمام القاضي تُشاكيه وهي تجلس على مقاعد المحكمة وهو يترجاها بأن يحل المسألة بينهما بالطرق السِلمية دون الفضائح في المحاكم، وبعد صدور الحُكم يتضح بأنها ليست على حق وتنقلب القضية ضدها، ويسأل القاضي الزوج بماذا تُقاضيها فيقول للقاضي كيف أُقاضي زوجتي وأم عيالي، فيقول القاضي: ولكنها قاضتك عندنا في المحكمة، فيرد عليه هو شأنها وهي حرة بقرارها أما أنا فلا أُقاضي زوجتي، فكيف قست تلك المرأة وتصلّب قلبها لهذه الدرجة وعِلمها عند اللّه سبحانه.

 

وآخر تجمعه قصة حب مع بنت من أقاربه ولاختلاف بعض وجهات النظر بينهما تزوج غيرها بعد طول انتظار لها، وبعد مُدة تقاربت القلوب بينهما مُجددًا وتزوجها وأنجب منها طفلة، وطلبت منه تطليق زوجته الأولى والذي لديه أطفال منها كذلك، فرفض فطلبت منه الطلاق بعد محاولاته ثنيها عن قرارها فطلقها، فدخل بعدها في نزاعات قَضائية رفعتها ضده بلا مُبررات منها وظلّت تُنازعه وتُلاحقه بقضايا متتالية، كلما انقضت قضية ترفع ضده قضية أخرى كي تُنكّل به وتُطالبه بتعويضات مالية تكسر ظهره وبقى على فقر بعد ما كان ميسور الحال، ناهيك عن الانتكاسات النفسية والمرضية التي لحقت به بسببها، وكل هذا سببه قساوة قلب المرأة ويا لعجب أمرها وقساوة قلبها.

 

ناهيك عن بعض العلاقات التي تُحتّم سريتها بقاء عمق صِلاتها قائمًا بالود بينهما، ويقسو فيها قلب المرأة وتتسبب بها في زعزعة الثقة بينهما وزرع ضغائن لا داعي لها بتاتًا، ولو بقت في طي الكتمان لبقت القلوب على توافق ومحبة ووئام فيما بينها، وحقًا إن لقسوة قلب المرأة علامات استفهام مُبهمة وشفرات يصعب حلّها وفهمها وفك رموزها مهما حاولت ذلك جاهدًا.

 

إن موضع المرأة في جوانب الحُكم والسياسة كما تقمّصت دوره مارجريت تاتشر ولُقبت به بالمرأة الحديدية والذي سبقتها فيه الملكة بلقيس في مملكة سبأ، وحكمت به عدت نساء دول حول العالم هو محل له ما يُبرره سياسيًا، أمّا دون ذلك فما هي مُبرراته منها، فهي ذلك الكائن اللطيف الذي خلقه الله ليكون مستقرًا لقلب الرجل ومستودعًا له، فإن وضعتها في جانب الجمال جَمّلته وإن وضعتها في جانب اللطف لَطفت به وإن وضعتها في جانب العَطف عَطفت عليه، ناهيك عن جمالها الذي يُطمئن النفس والروح وتسكن فيه الجوارح، أما وإن وجدتها تُنازع الخَلق والخلائق فماذا أبقت من أنوثتها كي تستبدله بقسوتها، وماذا أبقت للرجل كي تُنازعه فيه، أليس الأحرى بها أن تكون ألطف كائنات الرب على أرضه؟

 

خلاصة القول هو أنه عندما تنتزع تلك الصفات من المرأة تُصبح أحيانًا كائنًا غريبًا وقاسيًا كالحجارة أو أشد قسوة، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في سورة البقرة (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) فهل بقي من فضل في قلب المرأة لِما أشار الله به، أم إن القلوب إذا قست نست ذلك الفضل كله وفقدت بوصلتها فيه، ويبقى جواب تلك التساؤلات في قلب المرأة نفسها، فهي في محل ذلك كله فهل لنا من جواب شافيًا منها تُبرر به قساوة قلبها؟

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة