د/ عبدالله باحجاج
هناك حراك إيجابي ورؤية مستقبلية متجددة لمنطقة النجد الزراعية بولاية ثمريت بمحافظة ظفار، وستشهد مشاريع تحتية وفوقية كمصانع غذائية وإقامة كيانات حكومية كبيرة في النجد… وتتوفر لها إرادة تنفيذية قوية نلمسها في لقاءات وزارية معنية بالملف الزراعي في النجد بصورة مباشرة في مسقط، ولقاءات أخرى بين سلط تنفيذية حكومية محلية مع المزارعين في ثمريت.
وسيعقد لقاء للفريق الوزاري نفسه قريبا في ثمريت، في وقت تم الكشف فيه عن إنتاج القمح المحلي لموسم 2024- 2025 بأكثر من 10 آلاف طن، بقيمة تسويقية تصل إلى 3 ملايين و38 ألفا و502 ريال عماني، موزعة كالتالي: ظفار 7723 طنا، والظاهرة 1118 طنًا، والداخلية 877.185 طن.. فيما تبلغ قيمة الأصول التراكمية في منطقة النجد حوالي 190 مليون ريال عماني.
وحجم مساهمة النجد الزراعي في إنتاج القمح المحلي، وفي إيرادات الدولة بعد نجاحه في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكثير من الفواكه والخضار، وكذلك تحويله إلى مصدر دخل للكثير من المواطنين مع أبنائهم يعد -أي النجد- أكبر المناطق في بلادنا المؤهلة للزراعة لتحقيق الاستراتيجية الوطنية لأمننا الغذائي، وتوفير فرص عمل متعددة.
لكن، تظل قضية الحيازات الزراعية في النجد قائمة، رغم أن هناك توجيهات سامية بضرورة الاستعجال في حلها منذ 22 فبراير 2021، فأين وصلت؟ هناك جهود كبيرة بذلت، وتوصلت لرؤى مهمة يمكن البناء عليها، وعوضا عن ذلك، فقد وضع المزارعون في زاوية حادة جدا، وهى عدم التمليك، والبديل هو خيار الانتفاع بالرسوم، وفي اجتماع المسؤولين مع المزارعين في ثمريت حددت مهلة زمنية قصيرة لتوقيع عقود الانتفاع وإلا...! وهذه ليست إدارة مثالية لمثل هكذا قضايا ذات حمولات اجتماعية وأبعاد وطنية وتاريخية، ومن زاوية جهوية استراتيجية، فهل إذا ما انتهت المهلة سيتم سحب المَزارع من المزارعين وتسليمها لغيرهم؟ هل بهذه البساطة يمكن حل القضية خاصة مزارع حصر ٢٠٠٩؟
ربما السلطة التنفيذية المحلية لم تذهب إلى الفهم العميق لما خرج به لقاء مسقط الوزاري، وهو مساواة "حق التمليك بحق الانتفاع في مزارع النجد" ومنها نرى الحل الذي ينبغي تسويقه للمزارعين.
والحل كنت قد أرسلته كمبادرة مني لمكتب محافظ ظفار، لتسليمه لصاحب السمو السيد محافظ ظفار، وفيه وضعت مقاربة متوازنة للحل، وهي: قبول عدم التمليك والتسليم بحق الانتفاع مقابل إلغاء الرسوم وإلغاء أو تخفيض فواتير الكهرباء المتراكمة على المزارعين، وتقديم تسهيلات لهم من بنك التنمية، وهذا يعني شيء مقابل شيء ولو في حده الأدنى للمزارعين، ونراهن كثيرا على هذا السيناريو، ونراه مخرجا للقضية بعدما تم وضعها في زاوية حادة جدا.
والحل المقترح نبنيه من رؤية اللقاء الوزاري الذي نراه انفتاحا إيجابيًا لحل القضية، لكن تطبيقه لم يكن مسايرا لهذا الانفتاح الإيجابي، وندعو اللقاء الوزاري المقبل في ثمريت تبنيه، فالتنازل عن الرسوم مقابل ما يحققه المزارعون من إعجاز زراعي للوطن قليل في حقهم، فهم وراء حالة الاطمئنان الوطنية لأمننا الغذائي، فقد كان لهم ولآبائهم السبق في اقتحام الصحراء لزراعتها، واستخرجوا منها الماء بإمكانياتهم المتواضعة جدا، وهم من أداروا بوصلة الدولة والشركات للنجد لزراعته، والبلاد الآن تنعم بخيرات النجد المتعددة، ويسودها سيكولوجية الاطمئنان في ظل أي أزمات مقبلة، إضافة إلى أن هذا الحل سيحل القضية العالقة من عدة سنوات.