علي بن بدر البوسعيدي
حين نتأمل خريطة العالم، نكتشف أن سفاراتنا العُمانية في الخارج، ليست مجرد مبانٍ ترفع علم وطننا الغالي في عواصم عدة؛ بل إنها منارات مضيئة تحمل بين طياتها روح عُمان أينما حلَّت.
وهناك، على بُعد آلاف الكيلومترات، يعمل دبلوماسيون عُمانيون بصمتٍ وإصرار، يجمعون بين دفء الانتماء وحنكة العمل، من أجل رفع اسم عُمان عاليًا خفّاقًا، لكن في الوقت نفسه نريد أن نرى المزيد من النتائج الإيجابية المُتحققة فيما يتعلق بعمل هذه السفارات؛ سواء على مستوى جذب الاستثمارات النوعية إلى بلادنا، أو دعم المواطن العُماني متى ما احتاج إلى سفارة بلده في الغُربة.
ولا يخفى على أحد أن مهمة السفارات لم تعد تقتصر على الأمور البروتوكولية، وحسب؛ بل إنها باتت تتحرك بخطى أسرع نحو جذب الاستثمارات النوعية التي تصنع الفارق في مسار التنمية ودعم استدامتها. فمن نيويورك إلى طوكيو، ومن لندن إلى سنغافورة، فإن سفراءنا الكرام وجميع الطواقم الدبلوماسية يجب أن يعملوا على استعراض الفرص الاستثمارية الجاذبة، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة، والسياحة المستدامة، والخدمات اللوجستية، وحتى الصناعات الإبداعية، بأسلوب يُقنع المستثمر بأن عُمان ليست مجرد خيار مثلها مثل أي دولة في الخليج أو العالم؛ بل وجهة استراتيجية للمستقبل؛ بفضل ما تزخر به من إمكانيات ومقدرات وطاقات شبابية ذات كفاءة عالية.
من جهة ثانية، على السفارات دور مهم للغاية في تقديم الرعاية والدعم لأبناء عُمان في الخارج، خاصةً الذين قد يتعرضون فجأة لمواقف غير متوقعة أو أحداث مؤلمة، مثل الزلازل والحروب والصراعات. ولقد رصدتُ خلال الفترة الماضية بعض الشكاوى من مواطنين تعرضوا لتحديات خارج الوطن، وكانت وتيرة استجابة السفارات في الخارج دون الطموح وأقل مما يجب أن يكون. وهُنا نهمس في آذان إخواننا في هذه السفارات بأن نجدة المستغيث يجب أن تتسم بالسرعة والإنجاز في إنهاء محنة هذا المستغيث، مهما كانت الظروف، وذلك بالتنسيق مع السلطات المعنية في كل دول تعمل فيها سفاراتنا.
ولذلك نرى من الضروري مضاعفة الجهود الرامية لتدريب العاملين في السفارات لمواجهة مثل هذه التحديات والمواقف، وكذلك تأهيلهم فيما يتعلق بجهود الترويج الاستثماري، من خلال بناء شبكات علاقات واسعة، وتوظيف التقنيات الحديثة لفتح قنوات تواصل أسرع مع المستثمرين.