وداد الإسطنبولي
أفكّر، ويطول بي التفكير أحيانًا في عثرات صغيرة قد لا تُذكر أبدًا إذا جلسنا مع أنفسنا بهدوء، وفكّرنا بها من عدّة زوايا لا من زاوية واحدة فقط. حينها نتيح فرصة إيجابية تشرح الصدر، وتبهج القلب، وتنير الدرب، فنجد متّسعًا للابتسام، ونتذكّر قول القائد والمقتدى به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: "التمس لأخيك سبعين عذرًا". أليس جديرًا بنا أن نتساءل: لماذا قال سبعين، ولم يقل عذرًا واحدًا أو اثنين أو عشرة؟
فلماذا لا نحاول، مع شرارة بسيطة، أن نخمد رمادها قبل أن تتطاير، وأن نبعِد أثرها، حتى وإن كان صغيرًا، وربما كان خطأ غير مقصود، أو كلمة خرجت هفوة، أو إيماءة فُهمت على غير معناها؟
لِمَ لا نبحث عن الإيجابيات الأخرى التي قد جمعتنا يومًا بكلمة طيبة، أو بيد حانية، أو بلقاء انعقد على خير، أو حتى بمشكلة جعلتنا نتكاتف لحلها؟
حين تتزاحم الهموم، يُغلق باب النور عن رؤية الجمال في الآخرين، ويقسُو القلب على الاطمئنان لأخيه الإنسان. ويأتي الجارح والمارّ، فلا يزيدون الأمر إلا سوءًا، ويتركون أثرًا كأثر اليد التي تضغط على الجرح دون أن تبسطها برفق لتهدئ الألم.
نحن لسنا في زمن العتمة، وإن تراكمت علينا الهموم، وأرهقتنا الحياة، وأحاطتنا الظروف. حاولوا أن تطمئنوا، وإن كنتم في وسط ضجيج القلق، وآمنوا بأن بعد كل ضيق فرجًا، وأن الإقبال على الحياة بروح الأمل يجعل كل شيء بخير.
فلا ترتدِ ثوبًا لا يليق بك، فيجمّد قلبك عن الشعور. وتذكّر أن هناك من يبحثون في الليل عن الأمان، وفي النهار عن الاطمئنان، وقلوبهم مثقلة بالكسر.
ونحن أيضًا، رغم عيشنا العظيم، أحوج ما نكون إلى ابتسامة تفتح الصدر، وإلى تبادل الخير؛ فمجرّد تبادل السلبيات لا يخلّف سوى نتائج وخيمة، أوّلها أن نصبح أسرى لظروفنا.
أتقنوا فنّ التعامل، ولا تبخلوا به، فهو مفتاح لحياة أجمل لك ولغيرك.