سالم بن حمد الحجري
زُرتُ إيران قبل أسابيع قليلة، وتجولت في بعض مدنها وعاصمتها طهران، رغبة مني في سبر أغوار هذا البلد الضارب جذوره في أعماق التاريخ. كانت زيارة قصيرة، لكنها كافية لإقناعي بأن ثمة شعبًا وأرضًا وتاريخًا لم يحظَ بالقدر الكافي من الاستكشاف ومعرفة أسراره. إيران الغنية بالثقافة والفنون والموارد الطبيعية.
لستُ بوارد الحديث عن العدوان الصهيوني الجاري على إيران، ولا التحليل السياسي للأحداث، فقد استشرفتُ ما يحدث حاليًا في مقالي الذي كتبته في جريدة الرؤية بتاريخ 14 أبريل 2025، وهو أمر سهل في ظل الجنون السياسي الذي يكتنف المشهد ويتحكم به ترامب ونيتنياهو، ويجرّان العالم بأسره إلى أتون الصراعات الكارثية، في منطقة تكاد لا تهدأ فيها الاضطرابات والأزمات، وكأن قدرها ألّا تنعم بثرواتها ومقدّراتها التي تؤهلها لتكون مركزًا للاقتصاد العالمي.
إيران التي زُرتها كانت تستعد للانفتاح الاقتصادي من خلال علاقاتها مع الدول المجاورة التي شابها الكثير من الاضطراب خلال العقدين الماضيين. ففي المجال السياحي، تملك إيران الكثير من المواقع والمدن السياحية الجاذبة التي يمكن استثمارها كعائد اقتصادي كبير، إلى جانب المتاحف ودور الفنون. وتملك إيران، على صعيد الثروات الطبيعية، ما يجعلها في مقدمة دول العالم امتلاكًا للثروة المعدنية. وبحسب منظمة هندسة التعدين الإيرانية، تملك إيران ما يقرب من 57 مليار طن من الاحتياطيات المعدنية، ضمن أكثر من 10 آلاف منجم يُستخرج منها 6400 معدن، مثل: الحديد، النحاس، الذهب، الفضة، الزنك، الرصاص، النيكل، الكروميت، المنغنيز، التيتانيوم، اليورانيوم، الفحم، القصدير، أحجار كريمة مثل الفيروز، الرخام، الجص، الإسمنت، والملح. وهذا من غير ثروة النفط والغاز.
إيران ذلك البلد الذي يتميز بموقع جغرافي استثنائي يربط بين قارتي آسيا وأوروبا، وبتنوع طبوغرافي فريد، فضلًا عن الإرث الحضاري والتاريخي والثقافي، ويُعد مهدًا لكثير من الحضارات، وليست كيانًا طارئًا ظهر بمحض التآمر والكذب والإرهاب. والشعب الإيراني ذو ثقافة غنية ومتنوعة، متأثرًا عبر التاريخ بتعدد الأديان واللغات والفنون، والتنوع الديموغرافي والعرقي للمجتمع، كان له تأثير واضح على الهوية الوطنية والقومية للبلد، وليسوا قطعانًا من المستوطنين المغتصبين للأرض، القادمين من بلاد شتى، بخرافات تاريخية تغذيها الكراهية والإرهاب.
إيران، وهي تواجه آلة الإرهاب للكيان اللقيط، ومن ورائه الولايات المتحدة التي تسعى دومًا لنشر الأزمات الأمنية والاضطرابات بين الدول، تحمل حقًا كفله القانون الدولي؛ حيث تدافع عن شعبها وأرضها بما أعدّت من قوة، ضد قوى الشر التي لطالما امتلكت وسائل الدعاية والإعلام لتروّج الأكاذيب والاتهامات، سعيًا نحو حشد ما يسمى بـ"المجتمع الدولي" ضد إيران العصية على الإذعان والخضوع.
وإذ تحين اللحظة التاريخية والمواجهة الحتمية، فلا مناص من مواجهتها بشجاعة وإقدام، وضرب بؤرة الإرهاب الصهيوني، الأوهن من بيت العنكبوت، حتى لا تكون إيران ثورًا ملوّنًا آخر يُؤكَل بعد "الثور الأبيض"!