خليفة بن عبيد المشايخي
جعل الله تعالى الصراع بين الحق والباطل والخير والشر قائماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وجعل الحق تبارك وتعالى المصالح بين النَّاس مُتبادلة، لتسير الأمور على أحسن ما يُرام، لكنَّ هذه المصالح بنيت وأخذت في أحيان متباينة، بالخيانة والغدر وعلى حساب الفضيلة والمبادئ والقيم والأعراف والعادات والتقاليد والوفاء والصدق والإخلاص والأخلاق، كما كشفت إيران شبكة الجواسيس على أراضيها التي تعمل لصالح الموساد الإسرائيلي، فسارت الأمور مصائب قوم عند قوم فوائد، ورب ضارة نافعة.
ولقد كشفت الأيام القليلة الماضية عن أن اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل وتدخل أمريكا، ستلقي بتبعاتها علينا في الخليج العربي، وأي عمل نووي وإن كان ضد إسرائيل، معناه سحق الحياة على محيط المنطقة المتأثرة بالنووي وبأي أسلحة كيمائية أخرى فتاكة.
إن الاعتداءات الغاشمة الاستباقية التي حدثت ضد إيران وضرب عدد من منشآتها والمواقع المهمة بها، ما هو إلا عمل شرير، أُريد به باطل وتوسع في المنطقة، وتركيع إيران وإخضاعها لتكون تحت الوصاية الأمريكية والأوامر الغربية.
اليهود والصهاينة كما نعلم يسعون إلى السيطرة على الشرق الأوسط والدول الإسلامية، وتركيعها بما يخدم مخططاتهم وأهدافهم ومصالحهم، وبالتالي بات على المسلمين أن ينتبهوا إلى هكذا توجه ومؤامرات، ويتحدوا في التوجه إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة لينصرنا على هذا العدو المترصد لنا في كل آن وحين، وصار لزامًا توحيد الصف العربي والنوايا جميعها.
إن العام الحالي 2025 على ما يبدو لن يكون أفضل من سابقه، وإن المؤشرات تنبئ بأمر خطير قد يحدث خلال الأشهر المقبلة، وإن الحرب والقلاقل والمناوشات والهجوم والاعتداءات التي تختلق على إيران، يراد منها إنهاء الوجود الإيراني من على الخارطة، وإضعاف هذه الدولة الإسلامية ذات التاريخ القديم، التي لها علاقات تاريخية مع السلطنة.
إن موقفنا من هذه الحرب كمسلمين يجب أن يكون لصالح إيران لأنها الأقرب لنا جغرافيا، وإيران تربطنا معها وبها مصالح مشتركة وحسن جوار، وفي الكرة الأرضية حاليا فوق المليار مسلم من مختلف المذاهب، لذلك فإن موقف المسلمين يجب أن يكون تجاه إيران موقفا محايدا وإنسانيا بكل ما تعني هذه الكلمة وتحمل من دلالات ومعاني.
وعلينا كمسلمين مؤازرة إيران بالدعاء وبالعدة والعتاد، والله تعالى قال: "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ" (الأنفال: 60).
إن الناظر إلى الأحداث الحالية والى مسرح العمليات على الأرض، يجد أنه من الأهمية بمكان الوقوف مع إيران بالكلمة والدعاء والتهجد والتوسل إلى الله تعالى، بأن ينصرها على عدوها وعدونا، وهو إسرائيل هذا الكيان الغاصب الغاشم، الذي لا يرقب فينا إلًا ولا ذمّة ولا ضميرا، فهو العدو والشر كله.
إن إيران جغرافيًا إخوة لنا وجيران أعزاء وأصدقاء أحباء، وهي دولة صناعية وتأكل من أرضها وصاحبة علم وإنتاج واختراع، وتدعم فلسطين وتنصر المستضعفين في غزة واليمن والعراق.
وكما نعلم أن ما بين عُمان وإيران تاريخ طويل من الاحترام المتبادل، لم يشهد تدخلاً في شؤننا من قبلها، ولا زرعاً للفتن ولا إساءة لسيادتنا.
والخلط بين إيران وإسرائيل لا يعبر عن حياد؛ بل عن غياب للإنصاف وخلل في الفهم السياسي.
والعلاقات بين عُمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، لا زالت قوية ومتوازنة، وقائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشأن الداخلي لنا، وطهران تُقدّر موقف عُمان المتزن والهادئ في الملفات الإقليمية.
إنَّ موقف السلطنة إزاء هذه الأزمة موقف مشرف وواضح، يدعو للفخر والاعتزاز؛ حيث إنَّ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- أكد للرئيس الإيراني حرص عُمان على المساهمة الفاعلة لإنهاء هذه الأزمة بكل الوسائل السياسية والدبلوماسية.