المخادع

 

 

محمد بن رامس الرواس

منذ أن بدأت مفاوضات تبادل الأسرى وتنفيذ الصفقة التي تمت بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ودولة الكيان الإسرائيلي، برعاية من الولايات المتحدة والوسطاء في مصر وقطر، ينتهج رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سياسة المماطلة والخداع والمراوغة، وسياسة الخداع والمراوغة، ليس فقط من أجل إفشال الصفقة، ولكن تجاه المجتمع الإسرائيلي نفسه؛ فهذا المجرم يواصل مناوراته السياسية، مُحاولًا إيهام الجميع بأنه يسعى لتحقيق الأمن لإسرائيل بينما في الواقع، يعمل على تأمين بقائه السياسي على حساب المصالح الوطنية عبر التخلص من خصومه السياسيين واستبدالهم بأشخاص موالين له لأجل أن يحقق لنفسه البقاء على رأس السلطة لفترة أطول!

سياسة نتنياهو في المخادعة والمراوغة للجميع لم تكن وليدة الفترة الماضية؛ بل هي دَيْدَنهُ منذ أن ظهر في عالم السياسة، وعند المفاوضات والأزمات؛ حيث إن كل أزمة تقترب من الحل يخرج بتصريحات متضاربة، تارةً يدعي أن الاتفاق بات وشيكًا، وتارة أخرى يعرقل الشروط بحجج واهية، وهذه السياسة جعلت حتى الوسطاء الدوليين، مثل مصر وقطر، يفقدون الثقة في نواياه الحقيقية.

في الواقع يدرك نتنياهو أن أي اتفاق قد يؤدي إلى إنهاء الحرب يُعرّض مستقبله السياسي للزوال، خاصة في ظل الاحتجاجات الداخلية والانتقادات المتزايدة من عائلات الأسرى الإسرائيليين. لذلك، يواصل خداع الجميع بإيهامهم بأنه يعمل على استعادة الجنود الأسرى، بينما يفضل إبقاء الحرب مشتعلة لضمان استمراره في السلطة.

إن الخداع السياسي، الذي يمارسه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لا يخدع المجتمع الدولي فقط؛ بل يمارس من خلاله لعبة خطيرة ضد شعبه. ومنذ بداية الحرب، وَعَدَ الإسرائيليين بـ"نصر حاسم" ضد حماس، لكنه لم يحقق أيًّا من أهدافه المعلنة، وعلى الرغم من الفشل العسكري والاستخباراتي، يُواصل تسويق الانتصارات الوهمية لإخفاء عجزه وإبعاد أي تهديد سياسي قد يُطيح به.

وفي ظل الضغوط المتزايدة من المعارضة والمجتمع الإسرائيلي، لجأ إلى تأجيج المخاوف الأمنية وتقسيم المجتمع الإسرائيلي مدعيًا أن أي وقف لإطلاق النار يعني انتصارًا لحماس وخسارة لإسرائيل. هذه الاستراتيجية تهدف إلى إبقاء الإسرائيليين في حالة خوف دائم، مما يسمح له بتجنب المساءلة السياسية والاستمرار في الحكم.

وبناءً على كل ما سبق، يمكن القول إنَّ الوقت الذي تتزايد فيه المطالبات بوقف الحرب وإيجاد حل دبلوماسي، يواصل نتنياهو استخدام المراوغة والخداع كأدوات سياسية، بينما يدفع الفلسطينيون والإسرائيليون ثمن هذه اللعبة، ويبقى السؤال: إلى متى سيستمر هذا الخداع قبل أن يدرك الجميع أن مصلحة إسرائيل الحقيقية ليست في بقاء نتنياهو؛ بل في تغيير المسار نحو حل أكثر استدامة؟

الأكثر قراءة