مفتي عام السلطنة

 

 

سارة البريكي

sara_albreiki@hotmail.com

 

سماحة الشيخ العلّامة الجليل أحمد بن حمد الخليلي، المُفتي العام لسلطنة عُمان.. لم يكن مرورك في هذه الحياة كأي مرور، ولم تكن تلك الدقائق التي مررت فيها علينا إلا ساعات من النقاء والصفاء والسكينة والهدوء، وما كان حضورك يساوى بحضور ولا بشاشتك بأي بشاشة أخرى، كنت تدخل القلب من أوسع أبوابه، وتسكن الروح من جنباتها، متربعًا على عرش قلب كل عُماني وكنت الصديق الصدوق المرافق لمن نحب.

من مثلك لا يُقدم اعتذاره فمن مثلك ملك يمشي على الأرض ونور من السماء وعالم من الروحانية ومن الصفاء وأنت بستان من الحكايات القديمة ورمز من رموز الوطن العزيز وكيان وطني كبير جداً وأنت المُحِب والحبيب والزمان والمكان.

عرفناك منذ الصغر وتربينا على حروفك وكلماتك ومواقفك ومبادئك الصادقة حتى كبرنا على نور وجهك الجميل الذي كان لنا جميعاً الرمز الطيب ومنارا شامخا نعود إليه إن كثر الخصوم.

سيدي الجليل وأبي الغالي الحاني إننا نوجّه لك رسالة حب وشكر وتقدير وعرفان ومحبة نظير عطاءاتك الطيبة التي تستحق كل التقدير والثناء وإننا لا نبالغ عندما نقول إنك الرمز الخالد وأنت أعز الأوفياء وأنقاهم فكنت رفيقًا مخلصاً للسلطان الخالد وسندا وعونا للسلطان الأبي هيثم العز.

عرفناك مذ كنَّا أطفالًا، وتربينا على كلماتك الجميلة التي كانت من أروع الكلمات التي رسخت فينا حب الدين الإسلامي واحترام مبادئه وقيمه الإنسانية وترعرعنا على صوتك، فكنت لنا الأمان والأمن تجري بمجرى الدم وتسكن في قلب كل عُماني بل كنت ولا زلت المشهور الأول الذي لا يعلى عليه وكنت متواضعا فرفعك الله وبارك الله فيك.

رسالة "الوصية الأخيرة" أقلقت كل محبيك وأثارت الحزن والخوف على شخصك الكريم، فكُلنا في عُمان نُحبك وخارجها أنت عالم فقه ودين وأخلاق وثقافة وواسطة تفاهم ومذكرة سلام وأنت الأب والوالد والمعلم والأستاذ والتقي الورع والتفاني والإخلاص والرسوخ والود.

إننا اذ نُثمِّن تواصلكم الدائم مع أبناء الوطن العزيز نقدم لكم أصدق عبارات الشكر والتقدير والامتنان على تحملكم للمسؤولية منذ الصغر ومنذ البداية ومنذ انطلاق المسيرة ومنذ بداية العهد الزاهر وانتم لا تكلون ولا تملون من خدمة الوطن وشعبه وأرضه.. فشكرًا لكم أيها الشيخ الجليل.

أحمد الخليلي، اسم لا يمكن ان يمر مرور الكرام؛ بل اسم بارز ولد عام 1942 بمحلة مفنيستي بجزيرة زنجبار، في 27 يوليو 1942م، كان والده مهاجرًا، وقد عاد إلى موطنه الأصلي عام 1964. درس القرآن الكريم والعلوم الدينية والعربية في زنجبار وعُمان على يد عدد من المشايخ. عمل بعد وصوله إلى سلطنة عُمان سنة 1964 مدرسا للقرآن الكريم والعلوم الشرعية بولاية بهلا وسط عُمان عام 1965، ثم انتقل للتدريس بمسجد الخور بالعاصمة العُمانية مسقط، عام 1974عين مديراً للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة وفي عام 1975 عين مفتياً عاما للسلطنة بدرجة وزير.

ولسماحة الشيخ مجموعة من الفتاوى المطولة تناقش قضايا مهمة طبع بعضها، كما نشرت له مجموعة من الحوارات والمحاضرات والخطب تتحدث عن «إعادة صياغة الأمة»، وعن «الدين والحياة»، و«وحي المنابر»، و«المواهب السنية في الخطب الجمعية»، بالإضافة إلى سلسلة من المحاضرات في العقيدة والفكر الإسلامي.

كما له مؤلفات عديدة منها:   جواهر التفسير، و"وسقط القناع"، وعادة صياغة الأمة، والحق الدامغ، وجواهر التفسير أنوار من بيان التنزيل، والإيلاء، وزكاة الأنعام، و"الاستبداد.. مظاهره ومواجهته"، والاجتهاد، والفتاوى، والمحكم والمتشابه، إلى جانب قائمة من الكتب الثرية الزاخرة بالعطاء الروحي والمعرفي.

سيدي الشيخ الجليل أحمد بن حمد الخليلي، نود نحن أبناء هذا البلد أن نُعرب لك عن صادق أمانينا لك بطول العمر والصحة والعافية، ولا زلنا ممتنين لك في كل وقت كامتنان الشجرة للماء العذب، حفظك الله ورعاك، وجزاك الله خيرًا، وبارك الله في عمرك وفي علمك وعملك، ووفقك لما يُحب ويرضى.

الأكثر قراءة