د. محمد بن عوض المشيخي **
تستضيف مسقط يوم الثلاثاء ضيفًا عزيزًا وزعيمًا عربيًا من الطراز الأول، وقامة سياسية رفيعة يُشار لها بالبنان على مستوى الإقليم؛ وذلك لما يُمثِّله جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين الشقيق من ثقل سياسي وإرث حضاري فريد لبلد مجيد وشعب عظيم، تشكل من نسيجه وعناصره الذهبية المجتمع البحريني؛ الذي نعدهم في مقدمة الشعوب العربية قاطبة، في العلم والثقافة والتاريخ التليد عبر الأزمان.
لقد سبقت البحرين جميع دول الخليج في تصدير النفط؛ فهي أول دولة في المنطقة دخلت إليها الكهرباء، وكذلك ظهرت فيها أول إذاعة مسموعة، وارتاد البحرينيون دور السينما قبل غيرهم من شعوب المنطقة، وانتشر فيها التعليم وخرجت المدارس والجامعات البحرينية أجيالاً متعاقبة من المتعلمين، والذين ساهموا في بناء بلدهم وكذلك الدول المجاورة. وبالفعل تُعتبر مملكة البحرين أقدم كيان سياسي في الخليج العربي؛ لكون هذا البلد الصغير في مساحته، والكبير في حكمة قيادته وإنجازاته الحضارية، وإسهامات شعبه الإنسانية نحو العالم؛ مضربا للمثل في كل النواحي.
اللقاء التاريخي الذي سيتجدد مرة أخرى بعد زيارة جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- لمملكة البحرين في عام 2022، سيكتب فصولًا مضيئة من العلاقات العُمانية البحرينية الخالدة والمتجذرة في أعماق التاريخ.
ومن أهم الملفات التي نتوقع أن تكون حاضرة بعون الله في قمة مسقط، والتي تجمع ضيف عُمان الكبير؛ جلالة الملك حمد مع أخيه جلالة السلطان هيثم، في زيارة دولة لمدة يومين في 14 يناير؛ التباحث في مُختلف القضايا العربية والإقليمية، وخاصة الشأن الخليجي. كما إن ملف العلاقات الثنائية المتميزة بين الشعبين العُماني والبحريني، سيكون حاضرًا بقوة في اجتماع مسقط. وهناك قواسم مشتركة وعلاقات خاصة تجمع بين القيادتين في البلدين؛ مما ينعكس إيجابًا على مختلف الجوانب السياسية، كتنسيق المواقف المشتركة في القضايا العربية والدولية، والأهم من ذلك كله تطوير التعاون في المجال الاقتصادي، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، وزيادة المشاريع المشتركة، وخاصة حجم الاستثمارات التي نتطلع لمضاعفتها خلال هذه الزيارة التاريخية الكريمة. "قمة المنامة" قبل ثلاث سنوات شهدت توقيع 24 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين الشقيقين في مجالات متعددة، كالأمن والنقل البحري والتعليم والابتكار والبيئة.
وفي الختام.. إنَّ المُتابع للعلاقات المشتركة بين المجتمعين البحريني والعُماني، يتجلى له بوضوح عمق هذه العلاقات والتواصل التاريخي عبر الأجيال في البلدين، فقد استقبلت البحرين أفواجًا مُتعاقبة من العُمانيين، وأبناء دول الخليج العربية، منذ ظهور النفط في ثلاثينيات القرن العشرين، من أجل الدراسة والعمل. والأجمل من ذلك كله، ما يُكنه البحرينيون من حب واحترام وتقدير لإخوانهم في سلطنة عُمان. ففي زياراتي المتكررة وجدت تلك العلاقات التي تختلف عن الآخرين من الدول الخليجية والعربية.
وأخيرًا.. إنَّ عُمان قيادةً وحكومةً وشعبًا تُرحِّب بجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ضيفًا عزيزًا ومُكرَّمًا في بلده الثاني سلطنة عُمان.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري