جابر حسين العماني
كثيرة هي الخلافات الزوجية التي قد تطرأ على الحياة الزوجية، ومن المُهم جدا علاجها بالحكمة والدراية والعقلانية، حتى لا تخرج عن السيطرة وتذهب إلى مصير مجهول، فلا يوجد زوجان منزهان عن الخطأ، وهذا حال البشر؛ فهم خطاؤون. والزوجان العاقلان هما من يتجنبان الوقوع في فخ الأخطاء الزوجية، وفي حال وقعا فيه، يسعيان لإيجاد الحلول على الفور حتى لا تتراكم الخلافات ويصعب حلّها.
كيف يستطيع الزوجان حل خلافاتهما الزوجية؟ سؤال ينبغي على الزوجين أن يجعلانه أمامهما دائماً، وأن يسعيا دائماً للحصول على الإجابة من أفواه الحكماء والعقلاء الذين يجمعون ولا يفرقون.
إذا وقع خلاف بينك وبين شريك حياتك، فلابد لك من الرجوع فورًا إلى الحلول المناسبة التي أكد عليها المتخصصون، والتي من خلالها يستطيع كل من الزوجين الحفاظ على العلاقة الزوجية من الشتات والفرقة والتمزق. فماذا تفعل إذا حدث خلاف بينكما؟
أولًا: حافظ على هدوئك وعرض ما تريد قوله وفعله على العقل لا العاطفة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّمَا يُدْرَكُ اَلْخَيْرُ كُلُّهُ بِالْعَقْلِ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَقْلَ لَهُ).
ثانيًا: يجب تحديد جوهر الخلاف بدقة عالية، مع تجنب التشتت؛ إذ إن التوسع في جوانب الخلاف الأخرى التي لا داعي له ولا يُقدم للزوجين حلولًا فعّالة، على عكس التركيز على أصل المشكلة الذي يُسهم في إيجاد الحلول النافعة والمفيدة.
ثالثًا: قم بحل الخلاف فورًا، ولا تدعه يتراكم؛ فالتراكمات تُصعِّب الحلول، وتُقَرِّب الشتات، وتزيد الفرقة بين الأزواج.
رابعًا: لا تستحضر الخلافات القديمة وتقحمها مع الخلاف الجديد، فذلك أمر مخالف للحكمة والعقلانية، بل حاول دائمًا التركيز على حل الخلاف الحالي وأنسى ما أكل عليه الدهرُ وشَرِبَ.
خامسًا: اختر المكان والزمان المناسبين لحل الخلافات الزوجية بعناية فائقة؛ فليس من الصحيحِ والسليمِ حل الخلافات في الأماكن العامة كالأسواق والمطاعم وجلسات الأهل والأصدقاء، والأفضل اختيار غرف النوم، وإذا لم يجد ذلك نفعاً، فينصح بالاستفادة من الحكماء، قال تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء:35].
سادسًا: التمس العذر لشريك حياتك واقبل اعتذارة فذلك خلق عظيم على الزوجين التحلي به، وكما قيل: "والعذر عند كرام النَّاس مقبول".
سابعًا: لإدارة الخلافات الزوجية وحلها بشكل أفضل، يُنصح باستخدام أسلوب الفكاهة والابتسامة لتخفيف حدة التوتر بين الشريكين، لما لذلك من أثر إيجابي في تقريب وجهات النظر بينهما وإيجاد الحلول المُناسبة.
ثامنًا: اجعل هدفك حل الخلاف وليس تحقيق النصر على شريك حياتك، فأنت لست في حالة قرع الطبول للحرب، بل في جلسة إيمانية هادئة تبحث فيها عن الحلول الإيجابية لحل الخلاف، لذا عليك تحديد الهدف وإيجاد الحل الأنسب للخلاف، وليس الانتصارات الوهمية والزائفة.
تاسعًا: تجنب توجيه الانتقادات والاتهامات، لما لذلك من آثار سلبية على استقرار الحياة الزوجية، حيث لا يُفضي ذلك إلى حلول بناءة ومفيدة للشريكين؛ بل قد يُعقّد الخلاف ويُزيد من حدّته.
عاشرًا: عليك بالتحلي بأفضل درجات اللياقة واللباقة وأنت تتخاطب مع شريك حياتك، وتجنب التصرفات المتهورة التي لا تحمد عقباها، والتي قد تُفضي إلى نتائج سلبية أو عكسية.
ختامًا.. ينبغي على الزوجين أن يدركا جيدًا أن الله تبارك وتعالى شرّع لهما أن يكونا سكنًا لبعضهما، ولتحقيق ذلك، يتعين عليهما تبني منهج المحبة الصادقة والوفاء والإخلاص، وتعزيز ذلك بتطبيق الحلول المذكورة أعلاه، والسعي الدؤوب والمخلص لتحقيق حياة زوجية هادئة وهانئة، وبناء أسرة متماسكة واعية تقوم على الوحدة والتعاون والتآزر، وتسهم في بناء الوطن والمجتمع.
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء