رامي بن سالم البوسعيدي
تداول العملات أو ما يُعرف بالفوركس (Forex) هو سوق مالي عالمي ضخم يُتيح للمُستثمرين شراء وبيع العملات لتحقيق أرباح بناءً على تغير أسعار الصرف، ويُعد هذا السوق الأكبر في العالم حيث يتم تداول ما يزيد عن 7 تريليونات دولار يوميًا، وكشخص ممارس لهذا المجال، شهدت بنفسي كيف يمكن أن يكون الفوركس وسيلة فعالة لتنمية رأس المال، لكنه في الوقت نفسه ينطوي على مخاطر كبيرة تتطلب إدارة دقيقة وفهمًا عميقًا للسوق.
في هذا المقال القصير سأشارك تجربتي الشخصية وأبرز العملات الأكثر ربحًا، وسأتناول مقارنة لأداء تلك العملات مع الريال العُماني، مع تسليط الضوء على الإيجابيات والسلبيات وأهم النصائح لمن يرغب بالبدء في هذا المجال.
بدايةً الفوركس أو (Foreign Exchange) هو سوق عالمي يتم فيه تبادل العملات كأزواج مثل اليورو/الدولار الأمريكي (EUR/USD) أو الدولار الأمريكي/الين الياباني (USD/JPY)، ويتم تحديد أسعار العملات من خلال العرض والطلب، وهي تتأثر بعدة عوامل منها الأخبار الاقتصادية والقرارات السياسية والسياسات النقدية للبنوك المركزية بجانب الأحداث الجيوسياسية.
عندما بدأتُ في تداول الفوركس في عام 2005 كنتُ مثل الكثيرين وأعتقدُ أن الأمر بسيط وهو شراء منخفض وبيع مرتفع، ولكن مع الوقت تعلمت أن النجاح في الفوركس يتطلب أكثر من مجرد توقيت السوق، وكانت بدايتي هي محاولة تعلم هذا المجال عن طريق متابعة منتدى المتداول العربي في تلك الفترة، وأعجبت بمجموعة كانت تسمي نفسها "السلاحف" وكانوا يستخدمون استراتيجية "الترند المكسور"، ولمدة 3 أشهر كنت أتابع وأتعلم التداول بصورة تجريبية، ولله الحمد دخلت مجال التداول بعد تعلم ومتابعة، وغامرت في البداية بمبلغ بسيط حتى استطعت تعلم استراتيجيات قائمة على التحليل الفني، مثل قراءة الرسوم البيانية ودراسة الأنماط السعرية، إضافة إلى التحليل الأساسي من خلال متابعة الأخبار الاقتصادية. وخلال سنوات من التداول لاحظت أهمية إدارة رأس المال. على سبيل المثال تعرضتُ لخسائر كبيرة في البداية بسبب المبالغة في استخدام الرافعة المالية، ولكن مع الوقت أدركت أن الحفاظ على رأس المال أهم من تحقيق الربح السريع.
ويُعد الريال العُماني من بين أقوى العملات عالميًا بسبب سياسة ربطه بالدولار الأمريكي وسعر الصرف الثابت، عند 2.6 دولار أمريكي لكل ريال عُماني، مما يجعل الريال مستقرًا للغاية مقارنة بالدولار. أما اليورو فيتغير سعر الصرف بناءً على أداء هذه العملة الأوروبية الموحدة مقابل الدولار على سبيل المثال، إذا كان سعر الصرف 1 يورو = 1.10 دولار، فإن قيمة اليورو مقابل الريال العُماني تُحسب بناءً على ذلك، أما العملات الأخرى مثل الروبل الروسي أو الليرة التركية، تعاني من تقلبات كبيرة مقارنة بالريال العُماني بسبب استقرار الأخير وارتباطه بالدولار، لذلك استنتجت ومنذ البداية بأن الاستقرار الكبير للريال العُماني يجعله خيارًا قويًا للحفاظ على الثروة، لكنه قد لا يكون مربحًا للمضاربة مقارنة بالعملات الأخرى ذات التقلب العالي.
العملات الأكثر تداولًا وربحًا في سوق الفوركس في مقدمتها الدولار الأمريكي فهو العملة الأكثر استخدامًا في العالم، وتُعتبر معيارًا أساسيًا لتقييم العملات الأخرى، على سبيل المثال إذا كنت تتداول زوج اليورو/الدولار الأمريكي (EUR/USD)، فإن الأخبار الاقتصادية الأمريكية مثل تقارير الوظائف أو قرارات الاحتياطي الفيدرالي تؤثر بشكل مباشر على السعر، أما اليورو فهو يعتبر ثاني أكثر العملات تداولًا في العالم ويعبر عن قوة الاقتصاد الأوروبي، ومثال عليه عندما أُعلن عن رفع أسعار الفائدة في منطقة اليورو شهدت العملة ارتفاعًا أمام الدولار، وهناك عملات أخرى مثل الين الياباني الذي يُستخدم كملاذ آمن في أوقات التقلبات الاقتصادية العالمية، ويميل المستثمرون لشراء الين في الأزمات مما يؤدي إلى ارتفاعه أمام العملات الأخرى.
وللتداول إيجابيات كبيرة، أولها السيولة المتاحة مع إمكانية الدخول والخروج من الصفقات بسهولة، كما يمكن التداول في أي وقت يناسبك وعلى مدار الساعة، بجانب نقطة إيجابية مهمة وهي تنوع الأدوات وإمكانية التداول في أزواج عملات رئيسية أو ثانوية وحتى العملات الرقمية، وعندما تصبح محترفاً سيكون بإمكانك تحقيق الأرباح سواء كان السوق صاعدًا أو هابطًا، وهذا أمر يعتمد على الدراية الكاملة بالأسعار واستشراف الصعود والهبوط وفق الاستراتيجيات التي تعمل عليها. في المقابل على كل من يدخل هذا العالم أن يعيَّ بأن المخاطر العالية هي أبرز السلبيات التي تواجه أي متداول في الفوركس، وتأتي المخاطر العالية بسبب الرافعة المالية، كما أن التقلبات الكبيرة التي يشهدها السوق تؤدي بشكل مباشر إلى خسائر كبيرة إذا لم يتم التعامل معها بحذر، ومن أبرز السلبيات التي يتأثر بها المستثمرون هو التأثير النفسي أو يمكن ان نطلق عليه التداول العاطفي الذي يؤدي إلى قرارات غير مدروسة.
نصيحتي لكل من يريد دخول هذا العالم ويرغب بالتداول في الفوركس، وقبل أن يبدأ بالاستثمار بأمواله في العملات، أن يستثمر في التعليم من الأساسيات، ثم يبدأ صغيرًا ولا يدخل بأموال كبيرة في البداية حتى يخوض تجربة حقيقية، وأن يتعلم الإدارة المالية ولا يخاطر بأكثر من 3% من رأس المال في كل صفقة، كما يجب عليه متابعة الأخبار الاقتصادية والسياسية والمالية، وخاصة تلك التي تُؤثر على السوق بشكل مباشر وغير مباشر، وأخيرًا- وهو الأهم- ألا يجعل العواطف هي التي تتحكم به، وأن تكون قراراته مبنية على البيانات والأرقام وليس على المشاعر.
اليوم ما زال الفوركس سوقًا مليئة بالفرص والتحديات، على الرغم من أنه يمكن أن يكون مربحًا للغاية، إلّا أن المخاطر المرتبطة به تتطلب من المتداول أن يكون مُتعلمًا ومُنضبطًا. وإذا كنت تخطط لدخول هذا المجال تذكر بأن النجاح فيه يعتمد على المعرفة والتجربة والصبر، ومع دراسة السوق والعمل وفق استراتيجية مدروسة يمكن أن يكون الفوركس وسيلة فعّالة لتحقيق أهدافك المالية وتحقيق الكثير من أحلامك.