جابر حسين العُماني **
الدول الناجحة هي التي تمتلك الجهاز الوظيفي المتقن الذي يقوم على تطبيق القوانين الصارمة، والتي من خلالها تُنفذ المشاريع التي تصب في خدمة الوطن، بهدف تسهيل احتياجات المواطنين، ويتحقق ذلك من خلال إعطاء الموظف الصلاحيات المناسبة التي تتناسب مع وظيفته والموقع الذي يشغله، وكما قيل: "ضع الشخص المناسب في المكان المناسب".
هناك بعض الموظفين الذين يستغلون مكانتهم الوظيفية على حساب المصلحة العامة للوطن والمواطنين، فعلى سبيل المثال، قد يطلب بعض الموظفين الرشوة مقابل أداء واجباتهم الوظيفية التي استؤمنوا عليها، مما يؤدي إلى تعطيل المعاملات الخدمية للمواطنين.
والأسوأ من ذلك، أن بعض الموظفين قد يلجؤون إلى تعقيد الأمور وافتعال الصعوبات بهدف استغلال المواطنين ماديًا، وهذا الفعل في حد ذاته يعد إثمًا عظيمًا، قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188].
لذا يتوجب على كل موظف في عمله أن يسأل نفسه باستمرار: كيف أكون موظفا ناجحا؟ وذلك حتى يتمكن من تقديم خدماته الوطنية بكل إخلاص ووفاء وضمير.
إن الموظف الناجح هو ذلك الإنسان الصالح الذي يسعى دائمًا لإظهار الكفاءات العالية والأخلاقيات المهنية المتدفقة بنور العلم والفهم والإدراك، التي تعينه على النجاح في أداء مهام عمله بأحسن ما يكون.
ومن أهم تلك الكفاءات التي ينبغي للموظف الناجح الاهتمام بها أثناء عمله هي الآتي:
- أولًا: أن يسعى جاهدًا لتقديم أفضل الحلول التي يُسهم في ابتكارها بهدف دفع العمل نحو التقدم والازدهار والنجاح الوظيفي.
- ثانيًا: أن يتمتع الموظف الناجح بالمهارات التي تمكنه من التواصل والتعاون الفعال مع زملائه في بيئة العمل، مما يساهم في بناء فريق عمل متماسك ومتحد ومتجانس، وقادر على خلق بيئة العمل الإيجابية والمحفزة على الإنتاجية والإبداع، بعيدًا عن الكسل والملل والإهمال.
- ثالثًا: التحلي بالصبر، وهو أحد أهم عوامل النجاح، بل هو أساس كل نجاح يصل إليه الإنسان في الحياة من خلال بيئته البشرية المتنوعة والمختلفة، قال أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب: "مَنْ رَكِبَ مَرْكَبَ اَلصَّبْرِ اِهْتَدَى إِلَى مِضْمَارِ اَلنَّصْرِ".
- رابعًا: إدارة الوقت، فمن غير المقبول والمعقول أن يكون الموظف غير مهتم بأوقات عمله الموكلة إليه، والموظف الناجح هو من يستغل الوقت بدقائقه وثوانيه لصناعة الإيجابية بينه وبين من حوله، وذلك من خلال الاهتمام بتقسيم الوقت واستغلاله لصالح بيئة العمل.
- خامسًا: تحمل المسؤولية، وهي من إحدى العوامل المهمة التي ينبغي أن يتحملها الموظف الناجح، والمتمثلة في قدرة الموظف نفسه على اتخاذ القرارات وتحمل النتائج سواء كانت إيجابية أو سلبية، وذلك من خلال تنفيذ الواجبات والوعود وتصحيح الأخطاء، فلا يوجد في عالمنا معصوم عن الخطأ، ويتعين على الإنسان أن يسعى لإصلاح ما يمكن إصلاحه، والسعي إلى تقديم بيئة عمل نظيفة وخالية من الأخطاء.
- سادسًا: القدرة الكاملة على التكيف، فبيئة العمل متغيرة وليست ثابتة، لذا ينبغي على الموظف الناجح التكيف مع كل التغيرات الطارئة والمفاجئة، والقدرة على التكيف هي مفتاح من مفاتيح النجاح والابداع التي تؤدي إلى التغلب على العقبات والمشاكل التي من الممكن أن تكون إحدى الأسباب في انهيار الإنتاجية في بيئة العمل.
- سابعًا: النزاهة في العمل، وهي صفة يتصف بها الموظفون الناجحون الذي يتمتعون بالأخلاق العالية كالتواضع والاحترام وعدم التكبر مهما كان حجم الوظيفة والمنصب، والإنسان النزيه هو القادر على الاعتراف بالأخطاء وتصحيحها وذلك باستخدام العقل والذكاء والفطنة بهدف التعلم من الأخطاء التي قد يقع فيها الموظف أثناء عمله.
- ثامناً: الحفاظ على التركيز والدقة في تفاصيل العمل، وتجنب الانشغال بالمشتتات أثناء أداء الوظيفة، حتى يتمكن الموظف الناجح من إنجاز مهامه المناطة إليه على أكمل وجه ممكن.
ومن الضروري جدا تقدير واحترام الموظف الناجح في بيئة العمل، وذلك من خلال تكريمه باستمرار، حيث إن التكريم يعزز من مكانته ويجعله أكثر رضا وإنتاجية في عمله.قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} [الإسراء: 70].
** عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء