نعم.. "معًا نتقدم"

 

مدرين المكتومية

يُمثل النهجُ التشاركي بين الحكومة والمجتمع، مسارًا رسمته بعناية فائقة القيادة الحكيمة لهذا الوطن العزيز الغالي، إيمانًا بأهمية دور المواطن في اقتراح الأفكار وبلورتها، والمساهمة في صناعة القرارات، لا سيما الاستراتيجية منها، وقد تجلّى ذلك في أمور عدة، منها مختبرات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" قبل حوالي سبع سنوات من الآن، ومن بعدها مختبرات إعداد الرؤية الوطنية المستقبلية "عُمان 2040"، وما تنظمه الدولة من فعاليات متعددة تستهدف في المقام الأول إشراك المواطن في عملية التفكير الاستراتيجي وبلورة أفكار تخدم مسيرة التنمية الشاملة واستدامتها.

واليوم يأخذ النهج التشاركي منحى أكثر رسوخًا في مراحل التخطيط الإستراتيجي، ترجمةً لواحدة من الجمل الألمعية التي انفردت بها جريدة "الرؤية" قبل نحو 4 أعوام من الآن حينما أطلقت منصة "شركاء في الحلم شركاء في التنفيذ"، تحت مظلة المنتدى العُماني للشراكة والمسؤولية الاجتماعية الذي تنظمه الجريدة، ولكم كان من حُسن الطالع وقتها أنْ يلي اليوم التالي للمنتدى تفضُّل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- باعتماد وإطلاق الرؤية المستقبلية "عُمان 2040".

استحضرتْ ذاكرتي هذه الأحداث تِباعًا وأنا أُتابع حجم التفاعل المجتمعي مع مبادرة "معًا نتقدَّم" في نسختها الثالثة، مع فتح باب التصويت على الموضوعات المُقرَّر طرحها للنقاش والبحث والتحليل في النسخة الجديدة المرتقبة من هذا الملتقى الوطني الرائع، الذي تنظمه الأمانة العامة لمجلس الوزراء، في مسعى يعكس حرص حكومتنا الرشيدة على الاستماع للآراء والمقترحات حول أبرز التوجهات الحكومية.

واليوم تنتهي عملية التصويت التي شارك فيها مختلف فئات المجتمع؛ حيث كان الباب مفتوحًا لجميع المواطنين للإسهام بالرأي والاقتراح لموضوعات الملتقى المقبل. ولا شك أنه سيتم الكشف خلال الأيام المقبلة عن تفاصيل مشاركة المواطنين في هذا التصويت، الذي يمثل واحدة من أعمق التجارب الديمقراطية، التي تُجسِّد فعليًا كيفية إشراك المواطن بكل نزاهة وحيادية في عملية صناعة القرار، والتخطيط للمستقبل. وهذا الإشراك يؤكد أن المواطن صاحب حق أصيل في الإدلاء بدلوه في العديد من القضايا الحياتية والمعيشية التي تمسُّه مباشرة.

"معًا نتقدَّم" يؤكد أن المواطن العُماني له صوت مسموع، لدى حكومتنا الرشيدة، وأن كل إسهامات المواطنين محل ترحيب من الجهات الحكومية، إيمانًا بأهمية الاستماع إلى المواطن، لأنه صاحب المصلحة الأول، وغاية أي تنمية. وهنا لا بُد أن نضيء مصابيح كاشفة على هذه النقطة، لتأكيد أن رأي المجتمع يصنع الفارق دائمًا، شريطة أن يكون هذا الرأي مُنضبطاً ووفق آليات تنظيمية مُحددة، لأنَّ غير ذلك بمثابة فوضى وعشوائية لا مكان لها في تقدم الأمم والشعوب. ويكفي أن نُلقي نظرة على ما تشهده ساحات الفضاء الإلكتروني على منصات التواصل الاجتماعي من طرح للأفكار بصورة غير مُنظَّمة، ما يُفقِد هذه الأفكار أهميتها، لذلك نقول لكل من يلجأ إلى منصات التواصل الاجتماعي لطرح فكرة ما أو مناقشة قضية بعينها، أن يلجأ إلى مثل هذه القنوات الاتصالية التي تُتيحها الدولة بين الحين والآخر، ويتم العمل على بلورة التفاعلات الشعبية معها، ومن ثم الوصول إلى رؤية توافقية تضمن مناقشة وعرض أبرز القضايا التي اتفق عليها الشعب.

والوقائعُ تؤكد أن حكومتنا الرشيدة تستمتع بإنصات إلى مقترحات المواطنين، إذا ما كانت قائمة على رؤية منطقية وعملية قابلة للتحقق، ولا أدل على ذلك مما شهدته النسخة الثانية الماضية من ملتقى "معًا نتقدَّم"؛ حيث برهنت الجلسات الحوارية والنقاشات في هذا الملتقى مدى الحرص الحكومي على الاستجابة لمطالب ومقترحات المواطنين، ويكفي تأكيدًا أن العديد من الجلسات شهدت حضور صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد الموقر، وزير الثقافة والرياضة والشباب، والذي أشاد في أكثر من موضع بما أتاحه ملتقى "معًا نتقدَّم" من عرض أفكار ناجعة من شأنها الإسهام في مسيرة التنمية الشاملة وضمان استدامتها، والعمل على كل الجهود من أجل تحقيق رفاهية المواطن وسعادته.

وأخيرًا.. لا ينازعني شك أن المرحلة المقبلة من مسيرة نهضتنا المُتجدِّدة ستشهد المزيد من الإنجازات على مختلف الأصعدة، وأن المواطن سيجد كل الدعم والرعاية من حكومتنا الرشيدة، من منطلق الحرص السامي على تسخير كل مقدرات الدولة من أجل أن يحيا المواطن في أمن واستقرار وازدهار.

الأكثر قراءة