خلفان الطوقي
تتسابق الدول للانضمام للمنظمات الإقليمية والعالمية لتكون عضوا فاعلا، ولكل دولة أهدافها لهكذا عضوية، ومعلوم أن سلطنة عُمان لا تتوانى في الحصول على أي عضوية إقليمية أو دولية خاصة في المنظمات المعروفة والمرموقة؛ بل تكون في الريادة خاصة في المنظمات الحديثة، وتشجع بقية الدول على الانضمام إليها.
انضمام السلطنة لأي منظمة أو مؤسسة دولية له أهداف عديدة؛ منها: أن تكون جزءًا من النسيج العالمي، وجزءًا فاعلا من منظومة صياغة القرارات في المحيط المؤثر لهذه المنظمات، وتبادل المعارف والخبرات التي يمتلكها عدد من الدول الرائدة في بعض المجالات، والتدريب والتأهيل، وتطبيق أفضل الممارسات التي توصي بها هذه المؤسسات وتناسب البيئة المحلية، وغيرها من أهداف مثرية.
ونطرح في هذا المقال أكثر من سؤال: هل تستفيد عُمان من هذا العدد الكبير من هذه المنظمات؟ وهل هناك جهة محددة معنية بتقييم الفائدة القصوى من عضوية السلطنة في هذه المنظمات الخليجية والعربية والإقليمية والعالمية؟ وهل عضوية السلطنة مجاملة لبعض الدول خاصة لبعض المنظمات غير المؤثرة؟ والسؤال الأخير: هل هناك من فائدة لاستمرار عضوية عُمان في بعض المؤسسات الدولية؟ علمًا بأن بعض العضويات الدولية مكلف ماديًا، وعوائد هذه العضوية قليلة ولا تذكر!
المقترح الذي نقدمه هو إجراء تقييم شامل وعميق وحيادي لكل العضويات الدولية للسلطنة، وإعادة هيكلة المنظومة من جديد، والانسحاب من بعض هذه المؤسسات الشكلية والتي كان الانضمام إليها بناء على ظروف ومعطيات وقتية تتناسب مع قرار الانضمام، وتفعيل كل سبل الاستفادة من هذه العضويات من حضور مؤتمرات علمية، ونقل خبرات ومعارف وتجارب وتدريب وتأهيل لشبابنا العُماني، والاستفادة من أي فرصة لتطوير وبناء الكوادر العُمانية لتكون أكثر تطورًا وتأهيلًا.
لا ضير في القيام بذلك، والآن هو وقت التصحيح، فعند أي مشاركة دولية تجد أن بعض الدول نشيطة وفي حراك مستمر، وتتقن وعلى معرفة تامة من أين يأكل الكتف، وفي المقابل تجد دولا عندما ترى أن هذه المنظمة أو تلك لم تعد مؤثرة ومثرية، تقرر الانسحاب، وتركز اهتماماتها في المؤسسات الدولية القوية والعريقة، وهكذا الدول القوية تستطيع أن تفرق بين ما هو مهم وما هو أهم، وأيضًا ما هو شكلي ومضيعة للمال والجهد والوقت.
المقترح لا يطالب ولا يعني الانضواء والتقوقع المحلي؛ بل المشاركة الفاعلة والتواجد الخليجي والعربي والإقليمي والعالمي المؤثر، ومراعاة الاستفادة القصوى من أي عضوية، وحساب أي استثمار مدفوع لهذه العضويات من حيث العائد على الاستثمار، بحيث تكون العوائد أضعافاً مضاعفة لما دُفِع من مال وجهد ووقت، والاختيار بين المؤسسات والمنظمات المرموقة والمثرية، والانسحاب مما دون ذلك؛ تحقيقاً للمقولة المعروفة: "علينا أخذ السمين وترك الغث"!