ساعات الانتظار

 

سارة بنت علي البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

لم يمر الليل الطويل طويلًا إلا على الذين يئنون ليلهم ويقاسون أوجاعًا قدَّر لها الله أن تكون، ولم يمر الليل مسرعاً إلا على أولئك النائمين بهدوء ملء أعينهم ولماذا كل هذا الصراخ وذلك الجسد المسجى باحثاً عن إبرة في قش لعله يجد مبتغاه ولربما يجد الدواء المُناسب فيتلقاه وتنتهي مأساته ولربما يبقى طويلا باحثا عن ذلك الأمل الذي رويدا رويدا يبدأ بالانقطاع وشيئا فشيئا بالتلاشي.

مرَّت الأيام وهو يحاول إدراك حقيقة أنه ليس لديه الحق في التمني وليس متاحًا له اقتناء سيارة جديدة أو منزل جديد أما معاناته الأخرى فهي من نظرات المجتمع المحيط به الأهل والأصدقاء والصحبة.

وكأنه تأخر على قطع تذكرة الطائرة ففاته الكثير والكثير ولكنه لم يفته أي شيء فهذا هو القدر ويجب علينا جميعاً أن نرضى به فالحقيقة الكامنة خلف أي تأخر هي الرسالة والمغزى من ذلك التأخر كل شيء سيأتي ولكن في الوقت المُناسب.

ومع انتظار الباحث عن عمل أو المُسرَّح عن عمل ذلك الوقت المناسب والذي قد يطول كثيرا نجد أنه قد عانى الكثير فترتبت عليه ديون كثيرة وأصبح شخصاً مطالباً من هذا وتلك فلم يعد ليله ليلا ولا نهاره نهارا ولماذا لا يتم النظر إلى هذه الفئة التي تعاني ومتى سيشرق علينا فجر جديد ونستبشر فيه بأننا أصبحنا موظفين لأن الحياة متعبة إن كان الموظف يُعاني من القروض والديون فما بالك بالمسرح عن العمل وأيضاً ما بالك بالباحث وهو يحاول أن يُحرك عجلة القيادة ليجدها في حالة يرثى لها.

إنّ الاهتمام والحرص الكبير على راحة المواطن لا تأتي إلا إذا كانت هناك فرصة حقيقية لتحقيق النجاح الذي ينبغي من خلاله رسم صورة واضحة للمستقبل تغني الإنسان عن السؤال وتُعينه على العيش بكرامة، وهو مصان في بلده وبين أهله وناسه، ويجب عدم الانتقاص من قيمة هذه الفئة المستحقة أن تعيش بكرامة، وعدم الاستخفاف بما يحدث لها من مآسٍ وتراكم ديون وتعب نفسي ومطالبات وضيق وكآبة.

خلقنا كي نعيش بسعادة وسكينة وراحة البال لكي نعبد الله سبحانه وتعالى ونشكره على جميع النعم التي أعطانا إياها فكيف لحقوقنا أن تسلب؟!

من في فمه معلقة من ذهب لا يحس بالناس الذين ظلموا والذين بات ظلمهم يرى وباتت حقوقهم مسلوبة وباتت أحزانهم وآلامهم ظاهرة فكيف للإنسان أن يعيش حياة كريمة وهو شخص مطالب ومسلوب الحقوق ليس لديه قوت يومه لا يجد وظيفة يعمل فيها؟!

بدأت أرى أطفالًا يبيعون الماء والفواكه في الشوارع، فهل وصلنا إلى هذا الحد من البطالة.

إنَّ وطننا المعطاء قادر على خلق فرص وظيفية للجميع وقادر على مساعدة المُسرَّحين والباحثين عن عمل وهي لديها كافة الإمكانيات اللازمة لتحقيق أهدافها التنموية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ولرسم خارطة البناء وتحقيق رؤية "عمان 2040" وألا يبقى هناك باحث عن عمل أو مسرح مديون أو شخص زج به في السجون لكثرة التزاماته المالية وراح عمره وهو بين أسورة السجن باحثاً عن منقذ ولم يجد بريق أمل.. فيا رب ساعد تلك الفئة التي لا تزال تنتظر قارب النجاة لعلها تعيش حياة كريمة.