الباحثون عن عمل.. بين التأزم وإيجاد الحلول

 

‏راشد بن حميد الراشدي

 

ما يحدث اليوم لأبنائنا من تأزم لملف الباحثين عن عمل والمُسرَّحين من أعمالهم، غير معقول مع توافر الكثير من الفرص في بيئة واعدة وبكر من حيث المشاريع الجاذبة والثروات التي حبا الله بها بلد معطاء بالخير.

‏أبناؤنا لا ينقصهم المستوى التعليمي من أرقى جامعات العالم ولا التفوق ولا الخبرات ولا الشغف نحو خدمة أوطانهم، والأمثلة كثيرة لنبوغ أبناء هذا الوطن وتفوقهم خلال السنوات الماضية؛ فنجد الطبيب الحاذق والمعلم الناجح والمهندس المثابر والعامل الكادح الأمين، وغيرهم الكثير، الذين ضربوا أروع المُثل وفي جميع المجالات والتخصصات التي يحتاجها الوطن؟ ومع هذا التميز نرى التعمين والتوظيف يتقهقر ويتأزم يومًا بعد يوم، مع حلول خجولة، بينما يتربع آلاف أبناء العمالة الوافدة على سلم الكثير من الوظائف ليصل تعدادهم إلى قرابة المليوني وافد.

ألوف النداءات خرجت من أبناء الوطن حول هذا الملف المتأزم والخطير من حيث نتائجه التي بدأت تظهر على خريجي سنوات في انتظار أمل التوظيف والعيش الكريم في بيئة صالحة، فهم قد حققوا الأمل بالنجاح والتفوق وبقيت مكافأة النجاح بحياة سعيدة من خلال عمل ناجح يترجمون فيه حبهم للوطن وبناءه وتشييد صروح الخير فيه.

إنها أزمة صعبة على جميع الشباب الباحثين وجميع المُسرَّحين، فلا يكاد بيت يخلو من باحث أو مُسرَّح، والقائمة تزيد إلى ثلاثة أو أربعة، بينما نرى أعداد الوافدين في تزايد مستمر واستحواذهم على الوظائف والفرص بات أكثر من خلال الشركات والمؤسسات الخاصة والمشاريع المختلفة، مع النظر إلى الكثير من السلبيات التي يشكلها العامل الوافد على الوطن وضغطه واستفادته من مختلف الخدمات التنموية التي تقدم لأبناء الوطن.

إنني ناشدت في العديد من المقالات السابقة، ضرورة وجود استراتيجية وطنية شاملة تضع الحلول لهذا الملف بمشاركة جميع الجهات المعنية، بعد مسح ميداني شامل ومعرفة جميع احتياجات المؤسسات من العمالة الوطنية المؤهلة في جميع المجالات، والوظائف التي يمكن إحلالها، مع ضرورة مساندة القوانين المنظمة للعمل وقوانين الاستثمار الأجنبي وغيرها من القوانين، والتي ساهمت إلى اليوم في زيادة أعداد العمالة الوافدة على عدد المواطنين الراغبين في عمل.

إنَّ الشباب هم ركيزة الوطن وقوامه بهم تبنى الأمم وتشيد الحضارات، فلا يعقل أن يظل الشاب رهين الإحباط والفراغ وهو يرى وطنه يانع الثمار ذا خيرات وثروات عظيمة، يجني حصاده الوافد وتذهب خيراته بالمليارات للخارج، ولا يحصل منها على ما يضمن له حياة كريمة ومستقبلًا واعدًا يستطيع من خلاله تكوين نفسه وبناء وطنه وتكوين أسرة سوف تسهم في تخريج أجيال صالحة.

نتائج كثيرة انطبعت على مسارات أبناء الوطن في سعيهم الدؤوب نحو الحصول على وظيفة، فحتى في ظل تدني الأجور وغلاء المعيشة فهو يرضى بأي وظيفة تعرض عليه، ولكن أن تكون الوظائف شحيحة إلى هذا الحد؛ فهناك خلل يجب معالجته فورًا.

إنني أُجدد رسالتي هذه وأبعثها إلى جميع المسؤولين عن أمانة هذا الوطن واستمرارية نهجه القويم وإلى كل الغيورين من أصحاب الأعمال والثروات، من أجل تذليل كل العقبات وأن يسهموا بدورهم في توظيف أبناء الوطن، وأن تكون لهم وقفات جادة ملموسة في معالجة هذا الملف الشائك، والذي تعتمد على ثرواته الأوطان؛ فشباب الوطن هم قوامه، وذلك في أسرع وقت وفي مختلف التخصصات والمجالات ومعرفة جميع ما يعرقل مسيرة التوظيف من أسباب.

إنني أتمنى لجميع أبناء عُمان التوفيق والسداد، وأن نراهم جميعًا في مواقع العمل والمسؤولية، وأن تصل أعداد الباحثين والمُسرَّحين عن عمل قريبًا إلى نسبة صفر بإذن الله.. اللهم آمين.