الصراع المُتَجذِّر بين أعوان الحق وهمجية الباطل

 

 

خالد بن أحمد الأغبري

 

ها هي الأمة الإسلامية بكافة أطيافها ومكوناتها تعيش في واقع مؤلم وظروف قاسية وصعبة وإخفاقات متتالية نتيجة لتلك الأحداث المتلاحقة والمستجدات التي تشهدها البشرية من خلال الصورة الماثلة أمامها بما تعانيه من حالة الانكسار في ظل تضخم سجل الغدر والخيانات والانزلاقات والصراعات التي تُعمّق الفوضى والحقد والكراهية، وتتكون من خلالها المآسي والمظالم وبؤر الفساد.

وهذا بلا شك انعكاس لما يشهده العالم من تداعيات وإرهاصات وتفكك ملموس في العلاقات البينية والأخلاقيّات وما تشكله تلك المؤامرات والتحزبات والانقسامات التي ما أنزل الله بها من سلطان، فتلك صناعة عدوانية صهيونية انتقامية آثمة وخبيثة ومدعاة للقلق وسفك الدماء والدمار وخرق قوانين الكون واختراق أنظمة الحياة والخروج عن المسارات التي حددها الخالق جلت قدرته من أجل استتباب الأمن واستقرار الحياة وانضباطها في حدود دائرة أيقونة السلام، كما إنها حسبما يبدو لنا لا تبشر بخير فيما يترقبه الإنسان ويتطلع إلى تحقيقه في ظل القوانين الدولية والمبادئ الفاضلة القائمة على العدل والمساواة، بقدر ما تنطوي عليه من مُعطيات عنصرية مقيتة وأساليب إرهابية دكتاتورية بعيدة كل البعد عن المبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية؛ فالخطوات التي تنتهجها العصابات الصهيونية قائمة على الحقد والمكر والكراهية التي توفر لها أرضية تكتيكية لاصطياد وقتل الأبرياء وإزاحة القادة الكبار عن طريقها لكي تنفرد بقراراتها وتنفذ مشاريعها وإستراتيجياتها بما يضمن لها حق البقاء على الأراضي المحتلة مهما كلف الأمر من تضحيات وقتل ودمار على حساب الطرف الآخر، لكونها تربت ونشأت وترعرعت على سفك دماء الأبرياء وأخذ حقوقهم وتدمير أراضيهم وممتلكاتهم بما يتفق مع مصالحها ويؤمن لها وجوداً غير شرعي بأي شكل من أشكال البربرية والهمجية.

وهناك سلسلة من الغطرسة سلسلة من الانتهاكات سلسة من الفساد الأخلاقي سلسلة من العنجهية سلسلة من الإجرام سلسلة من الوحشية سلسلة من الدمار سلسلة من سفك دماء الأبرياء وقتل الأطفال والنساء وكبار السن سلسلة من الضحايا سلسلة من الخيانات سلسلة من الاغتيالات سلسلة من النفاق والمراوغة والخداع، كل هذا يحصل علانية دون حياء ولا خوف ولا مروءة.. يحصل من قبل الصهاينة وأعوانهم أمام المنظمات الدولية والكيانات الرسمية والشخصيات الاعتبارية التي أصبحت جميعها مُهمشة وغير فاعلة ولم تكن لها القدرة على صياغة الأطر القانونية النافذة وحمايتها وتحمل مسؤوليتها. كما أن ذلك يحصل أمام ومرأى العالم قاطبة وبشكل يومي، ومن بينهم من وصل به الحال إلى القيام باستقبال عدوه بالأحضان طمعًا في رضاه والوقوف بجانبه، حتى لا تغيبه الأقدار من المشهد الذي يحتويه، ولو كان ذلك على حساب وطنه ودينه ورجولته وشهامته ولربما يرى ذلك من واجب الضيافة، وها هي المُعاناة المستعصية تتضاعف وتزداد عمقاً وسوءًا، والجراح تشتدّ ألماً ونزيفاً والهمجية تتوسع رقعتها بطرق متعددة وآليات متنوعة، وبخبث ماكرٍ متجرد من المبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية.

إنَّ الحروب المفروضة على الأمة الإسلامية من قبل أعدائها وأعوانهم ينبغي مقاومتها بأساليب تكتيكية بعيدة المدى من خلال إعادة النظر في بناء القدرات النفسية والمادية والمعنوية التي من شأنها توحيد الصورة التكاملية لتكون في مستوى الجاهزية الإيجابية لمواجهة تلك التحديات الناشئة بفعل الغطرسة والعنجهية القائمة على الحقد والكراهية والاستخفاف بالطرف الآخر في ظل غياب الوحدة الإسلامية الهادفة إلى تعميق وتأصيل وترسيخ الغايات المرجوة والداعمة لبناء الاستقرار العالمي، فعلى هذه الأمة تحديد أهدافها ومواقفها واستراتيجيتها بما يجسد منهج خالقها سبحانه وتعالى وذلك وفق ما جاء بالكتاب والسنة.

إنَّ فشل الأمة الإسلامية في توحيد صفوفها وتضميد جراحها والقيام بدورها وواجباتها والنهوض بمصالحها ومسؤولياتها، جعلها تتأرجح وتتعرض لهذه الانتهاكات والإرهاصات والنكسات المؤلمة التي أودت بها إلى حالة من الضياع واليأس، مع فقدانها تلك المكانة العريقة التي تلاشت من خلال المواقف والقرارات السلبية التي أصبحت تتحكم في تصرفاتها وسلوكياتها، فكان من الواجب عليها أن تُعيد النظر في سياساتها وفي مفهوم علاقاتها مع الغير وما هية تلك العلاقة ومُؤثراتها في مجمل الأحوال وما هية الخيارات المطروحة أمامها والتي تضمن لها تحقيق أهدافها وتطلعاتها بشكل مُتكامل ورؤية واضحة وسليمة، لكي تتعامل معها بعقلية ناضجة وفكر مستنير من أجل أن تتمكن من تفعيل قدراتها وتعزيز مواقفها والذود عن كرامتها والتحرك نحو مُواجهة تلك التحديات التي باتت تؤرقها وتهضم حقوقها وتعيش من خلالها في صراع مُستمر...

ربنا احفظ لنا ديننا وأوطاننا وسلطاننا وانصرنا على عدوك وعدونا وارفع راية الإسلام والمسلمين عالية خفاقة وانصر عبادك المجاهدين يا رب العالمين.

تعليق عبر الفيس بوك