باحثة عن عمل!

 

 

سارة البريكية

sara_albreiki@hotmail.com

 

 

مضت سنوات طويلة من العمر إلّا أنني ما زلت أحيك خيوط الصبر لأصنع منها سترة قوية تقيني من الأجواء المطيرة والرياح العاتية والأعاصير، وقد احتاجهم أيضاً في أيام الحر الشديد، ربما ستراودني فكرة ما لأعيد حياكتها بطريقة مختلفة، وربما سأبقى أشير من النوافذ المغلقة التي أبت أن تتكسر، وبقيت قوية صلبة رغم أشد الظروف الجوية التي مررت بها وربما وربما وربما...

الفكرة أنك تناشد نفسك أولًا ووطنك ثانيًا، تناشد أيامًا اشتدّت فيها حاجتك ووجدت نفسك مكسورًا.. ولكن رغم كل ما تريد قوله أو إيصاله يبقى لسانك عاجزًا عن الكلام وتبقى كرامتك عالية ويبقى حُبك لوطنك يفوق كل حب.  ومن لا مصدر للدخل له كيف يعيش وكيف يكون إنسانًا منتجًا، وهو الذي صنع من الشموع المضيئة فكرة جديدة ليبدع فيها أو يكتب مقالًا جديدًا.

في سنواتي الأولى، توقعت أن الحياة لن تتوقف وأنني سأكون كما أريد، وكنت أحسب الوقت، إلّا أنني بدأت أدرك أن كل ما حسبته لم يكن إلا تخيلات وتوهمات وتطلعات لم تبارك حتى تكتمل.

لكنني رغم تعثر الحظ والظروف المحيطة والمرض المتعب أكملت المسيرة فخرجت بشهادة جيدة كانت من ضمن الأحلام التي حسبتها فحققت انتصارًا آخر إلّا أنه لم يبارك وكأن الساعة مُعطّلة وكأن كل شيء واقف عندي فقط، وكأن الدنيا تتوقف معي وتجري مع الآخرين وأراهم يكبرون ويتزوجون وينجبون ويصبحون أجدادًا، ويحققون الأحلام ويسافرون ويعملون ويعيشون كباقي البشر في بيت جديد وسيارة مناسبة وأحلام تتحقق و.. و.. و....!

كنت دائما بانتظار الأشياء الجميلة التي ستحدث لي لكنني لم أرْها، إلا أنني رأيت نفسي مسجاة في غرفة الطواري بالمستشفى يحاولون بكل طريقة إيجاد عرق لكي يباشرون عملهم!

أما عني فلم يهتم أحدهم أنني لم أجد وظيفة!

أؤمن دائمًا أن الله إذا أراد لي شيئًا سيسوقه لي بغض النظر عن مدى رغبتي فيه وبغض النظر عن حجم الأمنية في مخيلتي، فليس هناك سقف لتوقعات وأحلام وأمنيات أيٍ منا.. ولن نبقى نلوم الظروف ولا الأهل ولا أنفسناـ فنحن محاطون بحب الله وحب الناس، والله يحبنا، وأن التأخر الذي حدث ويحدث في الحقيقة، هو خير، وأن القادم أجمل ما دامت الثقة بالله تعالى عالية.

أتمنى أن تمر هذه الفترة الصعبة من حياتي وأن أجد الوظيفة المناسبة في الوقت المناسب؛ لأنني لا أعلم الغيب، ولا أعلم متى سيأتي الوقت المناسب، ومتى ومتى ومتى؟!

أناشد أصحاب الشأن في هذا البلد ألا ينسوا الباحثين عن عمل، ولعلني أجد وظيفة أحلامي ولعلني أتوظف وغيري ومن مثلي ومن هم في قائمة الانتظار.

ساهموا في توظيف الأقدم من الباحثين عن عمل الذين أكملوا أكثر من عشر سنوات وهم ينتظرون، فهل من مُجيب؟!