أثر أسلوب الرئيس مع المرؤوس على أداء المؤسسة (2)

 

 

سعيد البادي

إنَّ التقدير والتحفيز للموظف ومنحه الثقة ليمارس مهامه بجرأة وثقة بالنفس؛ مما يجعله يشعر بقيمته في المؤسسة وأهميته بين أعضاء فريقه والاعتراف بمساهماته وجهوده في نشاط الفريق الذي يعمل فيه والنتائج التي تحققها المؤسسة بجهود فريقه يدفعه لبذل جهد مضاعف لتحقيق نتائج فردية ملموسة لدى الجميع فيقدرون دوره وجهوده فيضاعفها بصورة أكبرمتطلعاً للرقي بنفسه إلى مستويات أعلى في السلم الوظيفي الذي يسعى إليه.

إضافة إلى ذلك، فإنَّ التعامل مع الموظفين بأسلوب الاحترام المتبادل والتحفيز المستمر يخلق تنافسا شريفا بين أعضاء فريق العمل ويوقد شعلة الحماس لبذل أكبر جهد من قبل الجميع؛ مما يؤدي لاستمرارية المؤسسة في عطائها ونموها وتحقيق نتائج اقتصادية جيدة.

والدعوة إلى تبني نهج الطيبة والتعامل الإنساني لا تعني الدعوة لإهمال المسؤوليات التي تؤدي لترهل العمل والمؤسسة، بل هي دعوة لما يؤدي إلى رفع مؤشر زيادة الإنتاجية لدى الموظفين حينما يعلمون أنهم يعملون في بيئة عمل يطمئنون فيها نفسياً فهم يعملون مع المسؤول الذي يقدر جهودهم ويستمع إليهم ويأخذ بآرائهم ويطمئنون إليه كمسؤول ومربٍ ومدرب في نفس الوقت .

أما من يكون عكس ذلك من الرؤساء والمسؤولين نتيجة لأنانيته وحبه للتسلط لما لديه من نقص وافتقاره لعوامل النجاح وعدم فهمه وإدراكه لمهامه وضعف قدرته على اتخاذ القرارات المناسبة، فيعوض ذلك كله بالصريخ والتهديد بالعقوبات واستعمال المصطلحات التي لا تجلب له إلا الكره والحقد، وعدم الرغبة في العمل تحت إمرته ومسؤوليته، ولا تضيف للمؤسسة أي قيمة أو إضافات تخدمها، وهذا ما ينعكس على الأداء في المؤسسة التي يعمل فيها؛ وبالتالي يؤثر على الإنتاج العام لفريق العمل الذي يؤدي المهام الوظيفية للمؤسسة عامة كانت أو خاصة.

ومن المُمارسات السلطوية التي نلاحظها مع بعض الرؤساء أو المسؤولين في بعض مواقع العمل التعامل مع الموظفين وزملاء العمل، وكأنهم خصصوا أو وظفوا لخدمته هو فقط وليس للقيام بأعمال المؤسسة، فيتسلط عليهم بمنعهم من القيام بأعمال أخرى تكون من اختصاص رؤساء غيره، حينما يطلب منهم القيام بها كإسناد، رغم أنها لخدمة المؤسسة، بل يذهب إلى أبعد من ذلك بمنعهم من الحديث مع الآخرين ومخالطتهم، وإذا لاحظ أحد موظفيه يتحدث مع أحد الموظفين الذين ليسوا تحت إمرته يطلبه ويوبخه ويطلب منه عدم تكرار لذلك.

فهذا الأسلوب وهذه المعاملة لا تستقيم مع ما يجب أن يكون عليه الموظف من خلق، والأخلاق التي تربت عليها الأجيال العمانية، ولا تستقيم مع التشريعات ولا الأنظمة العمانية الإنسانية التي تحفظ للموظف استقلاليته وحريته في اختيار ممارساته الخاصة كالحديث مع الآخرين؛ فالموظف وحده يحدد أولئك الأشخاص الذين يتحدث معهم أو يمتنع عن الحديث معهم، والرئيس ليس له أن يحدد له ذلك أو يمنعه من الحديث مع زملاء العمل أوالوظيفة فقط لأسباب شخصية بينه وأحد رؤساء العمل الآخرين، وإن حدث ذلك فإنه يدل على عدم الثقة بالنفس والرهبة من القريب والبعيد والتسلط على الموظفين الذين هم أساس نجاح فريق عمله إن كان هناك نجاح.

كما أن هذا النوع من التعامل قد يدخل في دائرة التنمر والتمييز غير المباشر الذي يمقته المنطق وواقع المجتمع العماني المتسامح والتشريعات السائدة فيه.

فكُن مع شخصك كما تحب أن تكون مع الآخرين؛ فالخيار متروك لك، فإن شئت أن تكون محبوباً موفقاً فابحث عن طريقك لهذا الخيار، وإن شئت أن تكون عكس ذلك فالخيار لك.

تعليق عبر الفيس بوك